جرش.. في مرمى النفاق


أنباء الوطن -

لا أعرف لماذا انطلقت علينا “الأبواق” وحملات التشكيك والتخوين مع أول إعلان عن كسر الحصار عن غزة، وكأن هناك من يتحين الفرص لينقض على كل موقف وطني أو فعالية ثقافية، فقط لأن الأردن قرر أن يبقى كما كان دوما، واقفا، ثابتا، واضحا، فماذا يريدون من هذا الهجوم؟.

 

انشغل البعض فجأة بمهرجان جرش، كأنه “العدو الجديد”،وأطلقوا عليه وعلينا وابلا من المزايدات، محاولين خلط “الحابل بالنابل”، في حملة بائسة هدفها “إرباك موقف الأردن”، وتشويه صورة شعبه، وتقديمنا وكأننا نغني بينما تُقصف غزة، ولكن من قال إن الثقافة نقيض المقاومة؟ ومن قرر أن الفن يتعارض مع الكرامة الوطنية؟ وهل أصبحت الحياة نفسها تهمة؟.

 

الأردن، دولة وشعبا، لم يقصر يوما بدعم فلسطين وغزة، فقدمنا الدم والدواء، وأرسلنا الطائرات بالمساعدات والشاحنات بالغذاء وواجهنا الضغوط السياسية، وقفنا بوجه الاحتلال بمواقف علنية لا رمادية فيها، ومع ذلك يخرج علينا من يحاسبنا على مهرجان عمره عشرات السنين، وكأننا ارتكبنا خيانة عظمى.

 

علاء القراله

الغريب أن هذه الأصوات لم نسمعها تهاجم دولا لم توقف أي شكل من أشكال الترفيه منذ بدء العدوان،وبعض تلك الدول لم تقدم لغزة ربع ما قدمه الأردن، لا على مستوى الدعم الميداني ولا على صعيد الموقف السياسي على الاطلاق، فلماذا يحمل الأردن وحده العبء الأخلاقي؟ ولماذا نصبح ساحة تصفية حسابات كلما رفعنا صوتا أو نظمنا فعالية؟

 

الهجوم على جرش ليس عن المهرجان بحد ذاته، بل على الأردن ومواقفه، و صوته الحر، بهدف إخضاعه لمزاج جماعات لا تريد إلا صورة واحدة للمقاومة، ونبرة واحدة للحديث، ولونا واحدا للحياة، وإلى من يشكك في جدوى الثقافة بزمن الحروب، فليقرأ التاريخ، فلطالما كانت الكلمة واللحن والرواية أسلحة مواجهة لا تقل أهمية عن البندقية.

 

خلاصة القول، مهرجان جرش مستمر، وغزة في القلب، والكرامة الأردنية لا تقبل التشكيك، فمن يريد أن يزايد فليبدأ بنفسه، أما نحن، فنغني عندما يجب أن نغني، ونقاوم عندما تحين لحظة المقاومة، وسلاحنا في كل الحالات هو الموقف الذي تحاولون سلبه منا بالضجيج والمزاودات.