محور "فيلادلفيا" من جديد


أنباء الوطن -

زيدون الحديد 

لطالما يتمتع المحور "فيلادلفيا" والمسمى بصلاح الدين بأهمية استراتيجية لموقعه الجغرافي والتحديات الأمنية التي يواجهها على الدوام، فكلما تعلق الأمر بالصراع بين الكيان الصهيوني والمقاومة الاسلامية "حماس" في قطاع غزة، يظهر الشريط الحدودي كمكون استراتيجي حاسم للمعركة، بكونه شريطا استراتيجيا يمتد على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

فلوعدنا في الزمن قليلا، لوجدنا أن هذا المحور الممتد ضمن المنطقة "د" العازلة، وفق اتفاقية السلام الموقعة بين مصر والكيان في عام 1979، هو الأهم كونه يمتد من البحر المتوسط شمالا إلى معبر كرم أبو سالم جنوبا وعلى مسافة تقدر بحوالي 14 كيلومترا، والذي جاء في بنود اتفاقية السلام الخاصة به فرض القيود على نشر القوات على جانبيه، بما في ذلك الجانب المصري للمحور ، فالكيان المحتل بقي يسيطر عليه كجزء من سيطرته على المنطقة "د"، حتى انسحابه من غزة وتسلمه للسلطة الفلسطينية في عام 2005، فيما عرف بخطة "فك الارتباط".

هذا المحور الأهم في حرب غزة اليوم والأكثر حساسية يعتبر الهدف الرئيسي لرئيس الوزراء المحتل بنيامين نتنياهو من خلال خلط أوراق الحرب من جديد والذهاب إلى الضغط باتجاه السيطرة على محور فيلادلفيا بأي طريقة كانت وذلك أملا منه في نزع سلاح المقاومة حماس كون الشريط بعيد عن سيطرته اليوم، وهو ما ترفضه الإدارة المصرية قولا واحدا وبأي شكل كان كون المحور جزء من سيادتها، ولن تسمح بمنح نفوذ أكبر للكيان في هذه المنطقة الحساسة.

هذا الرفض الدائم كشف عن خلاف ظهر للعلن بعد طلب تقدم به الكيان الصهيوني إلى مصر بالسماح لهم بالتحكم المباشر في أجهزة المراقبة و نشر أجهزة الاستشعار على الشريط إضافة إلى طائرات مراقبة تحلق على طول الخط الحدودي لمنع حماس من بناء انفاق أخرى داخل القطاع وإضعاف القوة القتالية للمقاومة، إلا أن الرد جاء بالرفض القاطع من قبل الإدارة المصرية باعتبارها انتهاكا لسيادتها.

هذا الموقف المشرف من قبل مصر زاد من حجم المسؤولية عليها، كونها تلعب دور رئيسي في وقف الحرب وتبادل الأسرى بين الكيان الصهيوني والمقاومة حماس، وهو ما لا يريده نتنياهو لأغراض سياسية تخدمه في الانتخابات القادمة كون سمعته وصلت إلى الحضيض أمام الرأي العام في الداخل المحتل وخارجه.

من هنا يمكننا معرفة أن الكيان الصهيوني بقيادة مجلس حربه الأسباب التي تدفعه لمحاولته السيطرة على الشريط الحدودي، وهي أنه لم يعد لديه القدرة على حسم المعركة مع المقاومة حماس وأن سبل إخضاع المقاومة أصبح من ضرب المستحيل والخيال، ليتجه إلى خطة أخرى بديلة وهي التضييق على المقاومة في قطاع غزة من خلال السيطرة على محور فيلادلفيا بشكل كامل لفرض واقع جديد لهذه الحرب الخاسرة التي كبدته خسائر لم يسبق لها مثيلا.