هل بِطانة الحاكم تدفع بعكس الإصلاح؟


أنباء الوطن -

 

أ. د رشيد عبّاس

سؤال عام لا يخصّ مكان دون مكان, ولا يخصّ زمان دون زمان, سؤال قد يلفت انتباه الحاكم أينما وجد على هذه البصيرة, وفي نفس الوقت قد يثير غضب وحفيظة كثير من بِطانات حكام هذا العالم, وبالذات بِطانات حكّام الأمة العربية.

اعتقد جازماً أنه لا يوجد حاكم بالغ عاقل راشد على هذه البصيرة لا يسعى دوماً إلى تحقيق مبدأ الإصلاح وتوفير بيئات مناسبة لهذا الاصلاح في البلد الذي يحكمه, ولكن قد نجد بِطانة للحاكم تعمل على عرقلة نجاح مثل هذا الإصلاح المنشود, فالبِطانة لها دور واضح على انجاح الإصلاح, أو دور خفيّ على عرقلة الإصلاح.. من هنا جاءت أهمية وخطورة اختيار بِطانة للحاكم.

  ويمكن لنا تغيير طبيعة السؤال السابق ليصبح, لماذا بِطانة الحاكم تدفع بعكس اتجاه الإصلاح؟ للإجابة على مثل هذا السؤال علينا إجراء مسح شامل لطبيعة (سلوك) بِطانات حكام الدول التي نجح فيها الإصلاح, مقارنة بطبيعة (سلوك) بِطانات حكام الدول التي تعثر فيها الإصلاح.

  طبيعة (سلوك) بِطانات حكام الدول بشكل عام تتمثل في القدرة على إيجاد أو عدم إيجاد لغة ومفاهيم مشتركة ما بين الحاكم وبين شعبه ومواطنيه, وبالتالي تضييق الفجوات بينهما, وجعل المسافة بينهما صفر, كيف لا ونحن نجد اليوم أن الدول التي حققت إصلاحات حقيقية كان سلوك بِطانات حكامها واضحاً في إيجاد لغة ومفاهيم سياسية واقتصادية واجتماعية مشتركة ما بين الحاكم وبين مواطنيه.

إن طبيعة (سلوك) بِطانات حكام الدول بشكل عام يحكمها مصلحتين لا ثالث لهما, المصلحة العامة أولاً, والمصلحة الخاصة ثانياً, حيث إننا نجد أن الدول التي حققت إصلاحات حقيقية كان سلوك بِطانات حكامها محكوماً بالمصلحة العامة, وأن الدول التي فشلت في تحقيق إصلاحات حقيقية كان سلوك بِطانات حكامها محكوماً بالمصلحة الخاصة.

   وعودة إلى السؤال المحوري, هل بِطانة الحاكم تدفع بعكس اتجاه الإصلاح؟ الجواب: (نعم) إن كان سلوك بِطانات حكامها محكوماً بالمصلحة الخاصة, و(لا) إن كان سلوك بِطانات حكامها محكوماً بالمصلحة العامة.

وبعد...

اللهم وفق ولاة أمرنا لما تحب وترضى, وخذ بناصيتهم للبر والتقوى, وهيئ لهم (البِطانة) الصالحة الناصحة, التي تعينهم على الخير, وتدلهم عليه.