ماذا بعد الفوز ؟


أنباء الوطن -
د. يعقوب ناصر الدين
 
ها قد ظهرت نتائج انتخابات غرف صناعة عمان والزرقاء واربد وغرفة صناعة الاردن ، وتشكلت مجالسها إثر منافسة قوية بين الكتل ، وانتخابات جرت تحت إشراف الهيئة المستقلة للانتخابات ، وفي أجواء ديمقراطية ، وبرامج انتخابية اشتملت على تحليل دقيق للأزمة الاقتصادية ، ولواقع الصناعة الأردنية ، ورسمت خارطة طريق لمستقبل ذلك القطاع الذي عانى الأمرين على مدى عقد من الزمان .
أتيحت لي وللكثرين غيري فرصة المشاركة في عدد من الفعاليات التي نظمتها الكتل المتنافسة واستمعنا إلى برامجهم ، ووجهات نظرهم في كيفية تفعيل دور غرف الصناعة في تشكيل رؤية وطنية متعددة الأطراف لمعالجة الأزمة الراهنة ، مع وجود قناعة بأن تعافي الاقتصاد الوطني يتطلب تعافي القطاع الصناعي ، ولن يكون ذلك ممكنا من دون مراجعة جميع التشريعات والقوانين والإجراءات المتصلة بها ، وذلك يعني أن مجالس غرف الصناعة إما أنها ستنشغل بالشؤون المألوفة المتعلقة بتلك الغرف ، وإما أنها ستخوض معركة ذكية للخروج من الدائرة المغلقة التي تضج بالشكوى والتذمر ، وحتى الفشل !
ماذا بعد الفوز ؟ من دون الدخول في التفاصيل الصغيرة ، يفترض أن تعيد القيادات الصناعية تنظيم نفسها ، فالمجالس ليست كافية وحدها لإحداث التغيير الذي يطمح إليه الصناعيون ، وعلى سبيل المثال تشكل مجلس غرفة صناعة عمان الذي يضم تسعة أعضاء من عدد من مرشحي كتلة انجاز وكتلة وطن المتنافستين ، واللتين عرضتا برنامجين متقاربين من حيث الأهداف والمبادئ والتطلعات ، وهذا بالضرورة يفرض على رئيس وأعضاء الغرفة وضع صياغة مشتركة لتتحول تلك الأهداف إلى خطة عمل للمجلس بتركيبته الجديدة .
من ناحية أخرى يفترض ألا تحل الكتلة لمجرد أن الانتخابات قد انتهت ، فالأعضاء غير الفائزين يمكن أن يشكلوا مجلسا استشاريا ، إن لم يكن للغرفة فلممثليهم في الغرفة ، وكذلك الحال بالنسبة لممثلي القطاعات الصناعية في غرفة صناعة الأردن ، لأن من شأن توجه من هذا النوع أن يوجد قاعدة عريضة لفكر صناعي منظم ، ولتحرك أكثر اتساعا وتأثيرا ، أي أن على القوى الصناعية أن تتحد في مواجهة التحديات والعقبات ، وهم جميعا يعرفون كم هي كثيرة ومعقدة !
هناك مبادئ أساسية ستحكم على توجهات أولئك الذي اختاروا الدخول إلى هذا المعترك ، وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها بلدنا ، والمنطقة من حوله ، من بينها سلامة النوايا ، والصدق في القول والعمل ، و الرؤية الواضحة التي تجعل من ثنائية الايمان بالله والانتماء للوطن مصدر الإلهام العميق الذي يعينهم على تحمل مسؤولياتهم ، وتحقيق المصالح العليا للدولة ، والأخذ في الاعتبار العلاقة التبادلية بين الصناعة وبقية القطاعات ضمن نظرة شمولية لعملية النهوض بالاقتصاد الوطني .
لقد حان الوقت كذلك لايجاد طريقة مناسبة للتفاهم والتشارك بين القطاعين العام والخاص ولا شيء يمنع من أن تأتي المبادرة من منظمات المجتمع المدني ، التي يتوجب عليها أن تدرك أهمية الدور الذي تستطيع القيام به في تعزيز صمود بلدنا في وجه الأزمة الاقتصادية ، وغيرها من الأزمات .
إن النتيجة الحقيقية التي يمكن الحكم من خلال على القطاع الصناعي الأردني من الآن فصاعدا تكمن في مدى استعداده لرفع سوية الأداء باعتماد معايير الحوكمة في إدارة المؤسسات الصناعية ، وفي تحسين جودة المنتج الوطني ، حتى يكون قادرا على المنافسة في السوق المحلي ، والأسواق الخارجية ، وإعادة فتح أسواق الجوار العربي بقوة واقتدار ، والاهتداء إلى كل الوسائل التي تعيد لهذا القطاع حيويته التي فقدها في السنوات الأخيرة !