الوعي الإستراتيجي !


أنباء الوطن -

كنت منشغلا بتحضير محاضرة لمناسبة معينة حول التخطيط الإستراتيجي في الدولة عندما تابعت حديث جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين لكبار ضباط القوات المسلحة الأردنية الجيش العربي ، على نشرة الأخبار في التلفزيون الأردني ، وأدهشني التطابق بين تعريفات الوعي الإستراتيجي ، وبين التسلسل التطبيقي الدقيق لتلك التعريفات في حديث جلالته !

فالوعي الإستراتيجي يقاس بمدى امتلاك " المفكر الإستراتيجي " للحس الانتمائي للمتغيرات المحيطة ، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو غيرها ، ومعرفة درجة خطورتها ، بحيث يكون المفكر قادرا على التمييز بين المتغيرات الزمانية والمكانية بسرعة فائقة فكرا وممارسة ، مستندا إلى فهم المتغيرات وتفسيرها ، بناء على وجود موقف واضح ، ورؤية سليمة .

حديث جلالة الملك أحاط بالأبعاد الثلاثة للدولة الأردنية ، فبدأ من الإطار الدولي حيث لخص الموقف في جمل مختصرة لشرح التحديات التي يواجهها بلدنا " كنت في أمريكا وتحادثت مع عدد من قادة الدول ، وسياسيا وضعنا جيد " ذلك يعني أن نتائج المحادثات التي أجراها جلالة الملك على هامش انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة ، بما في ذلك المحادثات مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دلت على تفهم وتقدير للموقف السياسي الأردني من التطورات الإقليمية والدولية .

في البعد الإقليمي ، حيث المخاطر الأمنية تشكل التحدي الأكبر لأمن واستقرار الأردن وضع جلالته ذلك التحدي في مساحة اللون الأحمر ، مؤكدا بصورة حازمة قدرة المملكة على حماية حدودها مع سوريا ، مستعيدا قيمة الأردن الإقليمية والدولية ، من خلال الإشارة إلى الاتفاق الأردني الأمريكي الروسي ، بشأن وقف إطلاق النار في جنوب سوريا ، وهنا لا بد من التذكير بحصيلة سنوات من التعامل المضني مع التطورات المأساوية في كل من سوريا والعراق ، وما نتج عنها من تكلفة باهظة لحماية حدودنا مع البلدين الشقيقين ، ولاستيعاب اللاجئين ، وتحمل الأعباء الاقتصادية الناجمة عن إغلاق الحدود مع من وصفهم بالشركاء التجاريين الرئيسيين للأردن .