الطراونة الخلل المزدوج في المستشفيات يولد عدوًا لا يُعالج
أنباء الوطن -
عمان، الأردن - بمناسبة الأسبوع العالمي للتوعية بالمضادات الحيوية ،حذّر الدكتور محمد حسن الطراونة، استشاري الأمراض الصدرية، من "خلل مزدوج" يهدد الأمن الصحي العالمي والاقتصاد الوطني، يتمثل في ضعف ضبط العدوى بالتزامن مع الإفراط في استخدام المضادات الحيوية، مؤكداً أن هذا التلاقي يولد سلالات مقاومة للميكروبات تشكّل "عدواً لا يُعالج".
حيث بين الدكتور الطراونة:
أولاً: أزمة مقاومة المضادات (AMR) .. إنذار عالمي
* الأمن الصحي أولاً: لم تعد مقاومة مضادات الميكروبات (AMR) قضية علمية أو طبية فحسب، بل تحوّلت إلى أزمة أمن صحي عالمي تهدد قدرة الطب الحديث على تقديم الرعاية الأساسية.
* دعوة للتحرك: يجب أن نتبنى شعار "تحرّك الآن: لنحمي حاضرنا ونؤمّن مستقبلنا" (Act Now)، فالمستشفيات، التي يُفترض أن تكون ملاذ الشفاء، تتسبب في توليد خطر صامت يغذّيه التهاون في الإجراءات.
* تراجع الثقة: هذا الخطر يقوّض ثقة المرضى ويهدد أنظمة الرعاية، كما يؤثر في سمعة الدول ومكانتها التنافسية في قطاع السياحة العلاجية.
ثانيًا: ضعف ضبط العدوى... الشرارة الأولى
* خط الدفاع المنهار: أنظمة الوقاية ومكافحة العدوى (IPC) هي خط الدفاع الأول، وحين تتراجع ممارساتها الأساسية، مثل غسل الأيدي والتعقيم والعزل، تتحول المستشفيات إلى بيئات حاضنة للميكروبات المقاومة.
* أرقام صادمة: الإحصاءات العالمية تشير إلى أن واحدًا من كل عشرة مرضى يُصاب بعدوى أثناء تلقيه العلاج.
* وضع إقليمي خطير: وفي إقليم شرق المتوسط، تُسجَّل عدوى مقاومة تقريبًا في واحدة من كل ثلاث حالات، وهي من أعلى النسب عالميًا، مما يضع عبئاً متزايداً على النظم الصحية ويرتبط بارتفاع الوفيات والتكاليف.
* البيئة المثالية للمقاومة: هذا التهاون في الالتزام بالإجراءات الوقائية يشكّل البيئة المثالية لتطوّر السلالات المقاومة وانتشارها.
ثالثاً: الإفراط في المضادات... الوقود الخفي
* وصف خطير: يُعد صرف المضادات الحيوية دون تشخيص دقيق أو إشراف علمي من أخطر الممارسات، فكل جرعة غير ضرورية هي بمثابة فرصة جديدة للميكروبات للتكيّف والمقاومة.
* نتائج وخيمة: المسببات المقاومة للكاربابينيم (مثل Klebsiella pneumoniae) تُسجّل نسب وفاة تفوق 30% من الحالات المصابة، مما يكشف أن مقاومة المضادات لا تقتل فقط، بل تسبب أعباءً طويلة الأمد على المرضى.
* جائحة بطيئة: مقاومة المضادات هي جائحة بطيئة تسلب الصحة والنظام الصحي قدرته على التعافي بمرور الوقت.
رابعاً: الأثر المركّب على الاقتصاد والسياحة العلاجية
* ما هو أبعد من الطب: حين يتزامن ضعف ضبط العدوى مع الإفراط في المضادات، تتجاوز الخسائر الجوانب السريرية لتضرب في عمق الاقتصاد الصحي من خلال زيادة الوفيات، وإطالة فترات البقاء في المستشفى، وارتفاع الكلفة التشغيلية.
* الثقة هي العملة الأولى: هذا الخلل يؤدي إلى تراجع ثقة المجتمع بالخدمة الصحية، وهو خطر مباشر على قطاع السياحة العلاجية.
* شرط الوجود الاقتصادي: المريض الدولي يبحث عن بيئة علاجية آمنة خالية من العدوى المستشفوية. وبالتالي، فإن المستشفى الذي يُهمل ضبط العدوى أو يُفرط في المضادات يفقد تنافسيته الدولية.
* استثمار وليس تكلفة: تطوير برامج الوقاية ومكافحة العدوى (IPC) وبرامج الإشراف على وصف المضادات يمثل استثمارًا مباشراً في الأمن الصحي والسمعة الطبية، وليس مجرد تكلفة إضافية.
خامساً: خارطة طريق لضمان منظومة صحية مستدامة
دعا الدكتور الطراونة إلى نهج وطني شامل لإيقاف هذا الخطر المزدوج يرتكز على المحاور التالية:
* دمج وقائي شامل: دمج ممارسات الوقاية ومكافحة العدوى في كل مستوى من مستويات الرعاية.
* ترشيد الوصف: تفعيل برامج ترشيد وصف المضادات الحيوية بإشراف متخصصين.
* مراقبة وإبلاغ: تعزيز المراقبة المخبرية والإبلاغ السريع عن المسببات المقاومة.
* ربط الأداء: ربط مؤشرات العدوى بالأداء المؤسسي والاعتماد الصحي.
واختتم الطراونة تصريحاته بالتأكيد على أن: "ضبط العدوى وترشيد المضادات ليسا خيارين إداريين، بل هما شرط وجودٍ لأي نظام صحي آمن وركيزة لاستمرار السياحة العلاجية في عالمٍ يتغير بسرعة".


