يا أهل غزة .. ما تكلكوش


أنباء الوطن -

 

لا يهمني كيف واين ومتى يعبر مسؤولون عن قلقهم .. لا يهمني كيف تكون الوساطة مع كيان غاصب وقاتل للاطفال جنرالات الدم الصهيوني.
اكثر ما يهمني هو كيف يعود البعض الى بيوتهم يتناولون عشاءهم الفخم ويحتسون قهوتهم ويقشرون الموز ويقطعون الفاكهة وهم يتابعون كيف يحمل الاباء جثمان ابنائهم من الشهداء.
كيف يضعون عيونهم في عيون اطفالهم وهم يسألونهم: ما العمل لانقاذ طفولتهم من اعتى الات الحرب التي جربت جميعها على اجساد اطفالنا في غزة.
ما هذا الصمت العربي ..صمت مستفز ..يدعو الى التقيؤ حينا والى البكاء احيانا اخرى .
مؤمن محمد النيرب ابن الخمس سنوات، وشقيقه احمد محمد النيرب ابن الاحد عشر عاما، حازم محمد علي سالم، خليل محمد جميل شبير، وخليل اياد ابو حماده .
اطفال ارتقوا شهداء الى رب السماء، قدموا ارواحهم رخيصة فداء لفلسطين، ليس لهم ذنب سوى انهم ابناء الفقر في مخيم جباليا.
قدر لي ان ازور غزة مرتين، كنت في كل مرة ازيد ايمانا بأن النصر آت لا محالة، كنت في كل زيارة لمستشفى او بيت او مطعم، او في لقاء عابر في ازقة مخيم الشاطئ ازيد ايمانا بأن الشعب الفلسطيني العظيم هو وحده من سينتصر للامتين العربية والاسلامية .
كنا نذهب لنرفع معنوياتهم، لكن ما يفاجئني هو قوة أيمان الإنسان الفلسطيني بالنصر المؤزر، رغم عدم تكافؤ القوة في الظروف الحالية .
يفاجئك طفل فلسطيني فقير ماليا لكنه غني معنويا بانه يحلف لك باغلظ الايمان ان النصر آت لا محالة .
وهنا اتساءل ويتساءل معي الملايين ؛ كيف حافظ الفلسطيني على ايمانه العميق بالنصر، وكيف هزم بالايمان والصبر جيش المحتل، وكيف استطاع الفلسطيني المحاصر والمقهور في وطنه ان ينحت من القهر والاحتلال لوحة للنصر .
من وجهة نظر نفسية وعاطفية لا يمكن لإنسان يعيش في ظل هذه الظروف ان يكون مؤمنا بالنصر دون ان يكون محرك هذا الايمان والثبات قوة ارادة واصرار وايمان مطلق لا يقبل الشك بعدالة قضيته .
حين كنا نتجول في غزة ومخيماتها كنت اشعر بالخجل والخزي والعار وانا انعم بنوم هادئ، واتناول طعامي وامارس حياتي وكأن كل شيء حولي يسير بالاتجاه الصحيح .
اليوم يعتريني الخجل، فألوذ بالصمت وانا استمع لغضب طفلة فلسطينية من غزة تتحدى الغزاة وتشتمهم، وقبل ذلك وبعده تكسر ارادتهم، وتعطي للأمتين العربية والاسلامية درسا في النصر والثبات وعدالة القضية .
ثمة مقولة يستعملها الغزيون لرفع معنوياتنا حين يقولون لنا : ( ما تكلكش)، وانا اقولها لن نقلق عليكم، فمن معه الله ونصره لا خوف عليهم ولا هم يحزنون .