الاقتصاد‭ ‬السياسي‭ ‬‮«‬للأراب‭ ‬آيدول‮»‬


أنباء الوطن -

 

كتب‭ : ‬ناجح‭ ‬شاهين

نود‭ ‬أن‭ ‬نخبر‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬جلدتنا‭ ‬أن‭ ‬برنامج‭ ‬‮«‬أراب‭ ‬آيدول‮»‬‭ ‬هو‭ ‬نسخة‭ ‬من‭ ‬البرنامج‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬أميركان‭ ‬آيدول‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬انطلق‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2002‭ ‬ووصل‭ ‬القمة‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2007‭ ‬مع‭ ‬مشاهدات‭ ‬بعشرات‭ ‬الملايين‭ ‬جعلت‭ ‬‮«‬فوكس‮»‬‭ ‬في‭ ‬طليعة‭ ‬القنوات‭ ‬الناجحة،‭ ‬ثم‭ ‬بدأ‭ ‬في‭ ‬الهبوط‭ ‬التدريجي‭ ‬حتى‭ ‬اضطرت‭ ‬‮«‬فوكس‮»‬‭ ‬منتصف‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬إلى‭ ‬التوقف‭ ‬عن‭ ‬إنتاجه‭ ‬نهائياً‭.‬

بالطبع‭ ‬هناك‭ ‬برنامج‭ ‬أمريكي‭ ‬شهير‭ ‬آخر‭ ‬هو‭ ‬برنامج‭ ‬‮«‬من‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬مليونيراً‮»‬‭ ‬who wants to be a millionaire‭. ‬كلا‭ ‬البرنامجين‭ ‬حققا‭ ‬أرباحاً‭ ‬مذهلة‭ ‬للقناة‭ ‬المنتجة،‭ ‬وكذلك‭ ‬لشركات‭ ‬الاتصالات‭ ‬المستفيدة‭ ‬من‭ ‬التصويت‭ ‬الهاتفي‭ ‬أو‭ ‬التصويت‭ ‬بالرسائل‭ ‬المكتوبة‭. ‬

ام‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬بالطبع‭ ‬قناة‭ ‬تلهث‭ ‬وراء‭ ‬النموذج‭ ‬الأمريكي،‭ ‬وذلك‭ ‬شأن‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يدهشنا‭ ‬قليلاً،‭ ‬فقط‭ ‬قليلاً‭: ‬قناة‭ ‬سعودية‭ ‬‮«‬تتفنن‮»‬‭ ‬عبر‭ ‬باقتها‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬ما‭ ‬‮«‬لذ‭ ‬وطاب‮»‬‭ ‬من‭ ‬المشهيات‭ ‬الجنسية‭ ‬والعاطفية‭ ‬الهندية‭ ‬والأمريكية‭..‬الخ‭ ‬المصحوبة‭ ‬ببيع‭ ‬‮«‬الوهم‮»‬‭ ‬بالنجاح‭/‬الخلاص‭ ‬الفردي‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الفوز‭ ‬ببطولة‭ ‬‮«‬معبود‭ ‬العرب‮»‬‭ ‬أو‭ ‬بمليون‭ ‬من‭ ‬ملايين‭ ‬‮«‬من‭ ‬سيربح‭ ‬المليون‮»‬‭ ‬أو‭ ‬بمليون‭ ‬من‭ ‬ملايين‭ ‬‮«‬حلم‮»‬‭. ‬

يظل‭ ‬العنصر‭ ‬الاقتصادي‭/‬الطبقي‭ ‬هو‭ ‬جوهر‭ ‬الموضوع‭ ‬كله‭ ‬عندما‭ ‬يدور‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وأوروبا‭ ‬وما‭ ‬لف‭ ‬لفها،‭ ‬لكن‭ ‬الحديث‭ ‬يكتسب‭ ‬نكهات‭ ‬أخرى‭ ‬عندما‭ ‬يدور‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬فلسطين‭ ‬أو‭ ‬سوريا‭ ‬أو‭ ‬اليمن‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬المنهوب‭ ‬الممتد‭ ‬من‭ ‬المحيط‭ ‬إلى‭ ‬الخليج‭. ‬هنا‭ ‬تدخل‭ ‬السياسة‭ ‬من‭ ‬أوسع‭ ‬أبوابها،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أننا‭ ‬لا‭ ‬نقصد‭ ‬بالطبع‭ ‬أن‭ ‬السياسة‭ ‬تغيب‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬العالم‭ ‬الرأسمالي‭.‬

في‭ ‬الحالة‭ ‬العربية‭ ‬والفلسطينية‭ ‬هناك‭ ‬تطبيع‭ ‬رهيب‭ ‬لشرائح‭ ‬السكان‭ ‬المختلفة،‭ ‬تطبيع‭ ‬وتخدير‭ ‬مذهلين‭. ‬لكن‭ ‬ألا‭ ‬يحق‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نفرح؟‭ ‬وهل‭ ‬من‭ ‬واجبنا‭ ‬أن‭ ‬نحبط‭ ‬الشباب‭ ‬الموهوبين‭ ‬بانتظار‭ ‬تحرير‭ ‬فلسطين‭ ‬واستقرار‭ ‬سوريا‭ ‬وخروج‭ ‬الاستعمار‭ ‬والتئام‭ ‬الجراح‭ ‬النازفة؟‭ ‬

بالطبع‭ ‬لا‭. ‬فلسفة‭ ‬‮«‬جحا‮»‬‭ ‬لا‭ ‬تستدعي‭ ‬ذلك،‭ ‬ويمكن‭ ‬لقسم‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬أن‭ ‬يموت‭ ‬مثلما‭ ‬يحلو‭ ‬له،‭ ‬بينما‭ ‬قسم‭ ‬آخر‭ ‬يعيش‭ ‬حياة‭ ‬‮«‬طبيعية‮»‬،‭ ‬كأن‭ ‬فلسطين‭ ‬غير‭ ‬مهددة‭ ‬بالتفريغ‭ ‬النهائي،‭ ‬أو‭ ‬كأن‭ ‬أرض‭ ‬العرب‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬تقطيع‭ ‬شرايينها‭ ‬بشراً‭ ‬وتراباً‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬لحظة‭. ‬ثم‭ ‬‮«‬ماذا‭ ‬سأغير‭ ‬إن‭ ‬مارست‭ ‬‮«‬النكد‮»‬‭ ‬وقاطعت‭ ‬الفرح‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬توزعه‭ ‬‮«‬ام‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬والسعودية‮»‬‭ ‬بسعر‭ ‬باهظ‭ ‬من‭ ‬المحيط‭ ‬إلى‭ ‬الخليج؟‭ ‬ماذا‭ ‬سيتغير‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬المنطقة‭/‬فلسطين‭ ‬السياسي‭ ‬او‭ ‬الاقتصادي‭ ‬أو‭ ‬الصحي‭ ‬أو‭ ‬التعليمي؟‭ ‬لا‭ ‬شيء،‭ ‬لا‭ ‬شيء،‭ ‬إذن‭ ‬دعوني‭ ‬‮«‬أفرح‮»‬‭.‬

‭ ‬

نرغب‭ ‬في‭ ‬التبسيط‭ ‬حد‭ ‬الفجاجة‭: ‬ترى‭ ‬لو‭ ‬تم‭ ‬إرسال‭ ‬رسائل‭ ‬عددها‭ ‬ربع‭ ‬عدد‭ ‬الرسائل‭ ‬المرسلة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬‮«‬أبطال‭ ‬النينجا‮»‬‭ ‬عفواً‭ ‬أبطال‭ ‬‮«‬أراب‭ ‬ايدول‮»‬‭ ‬ترفض‭ ‬العنف‭ ‬الموجه‭ ‬للمرأة‭ ‬أو‭ ‬التلاميذ‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬أو‭ ‬الاحتلال‭ ‬الصهيوني‭ ‬أو‭ ‬مواقف‭ ‬ترامب‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬الاحتلال،‭ ‬هل‭ ‬تؤثر‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬أم‭ ‬لا؟‭ ‬

بالطبع‭ ‬تؤثر‭. ‬ببساطة‭ ‬سيصاب‭ ‬وزير‭ ‬التعليم‭ ‬بالصدمة‭ ‬التي‭ ‬ستحل‭ ‬أيضاً‭ ‬بالجهاز‭ ‬التعليمي‭ ‬كله‭ ‬لو‭ ‬تلقى‭ ‬نصف‭ ‬مليون‭ ‬رسالة‭ ‬تحتج‭ ‬على‭ ‬العنف‭. ‬وسوف‭ ‬يشرع‭ ‬الجميع‭ ‬فوراً‭ ‬في‭ ‬التفكير‭ ‬الجدي‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬المشكلة‭. ‬لكننا‭ ‬نعرف‭ ‬أمهات‭ ‬وآباء‭ ‬يسحق‭ ‬أبناؤهم‭ ‬في‭ ‬مدارس‭ ‬الخليل‭ ‬والتعامرة‭ ‬وقلقيلية‭ ‬ونابلس‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬رام‭ ‬الله،‭ ‬يتسولون‭ ‬التعاطف،‭ ‬لكن‭ ‬أحداً‭ ‬لا‭ ‬يجاملهم‭ ‬بابتسامة‭. ‬إن‭ ‬العنف‭ ‬الذي‭ ‬يتعرض‭ ‬له‭ ‬الصغير‭ ‬هو‭ ‬شأنه‭ ‬أو‭ ‬شأن‭ ‬أهله،‭ ‬أما‭ ‬بطل‭ ‬أراب‭ ‬آيدول‭ ‬فهو‭ ‬المسألة‭ ‬الوطنية‭ ‬بامتياز‭. ‬هنا‭ ‬فقط‭ ‬يتم‭ ‬‮«‬تفريغ‮»‬‭ ‬المشاعر‭ ‬الوطنية،‭ ‬ويتم‭ ‬تحقيق‭ ‬الرضا‭ ‬الوطني‭ ‬الذاتي‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬‮«‬النضال‮»‬‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬‮«‬انتصار‮»‬‭ ‬فلسطين‭. ‬

ليس‭ ‬من‭ ‬داع‭ ‬بالطبع‭ ‬لكي‭ ‬نفكر‭ ‬في‭ ‬‮«‬العدو‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬انتصرت‭ ‬عليه‭ ‬فلسطين،‭ ‬أو‭ ‬ماهية‭ ‬الانتصار‭ ‬المزعوم‭. ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬نصراً‭ ‬قد‭ ‬تحقق‭ ‬لفلسطين‭ ‬الجائعة‭ ‬للانتصارات‭. ‬وإذا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬طريقة‭ ‬لانتصار‭ ‬فلسطيني‭ ‬سياسي‭ ‬يستعيد‭ ‬الوطن،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬يعد‭ ‬بحماية‭ ‬النتف‭ ‬المتبقية‭ ‬منه،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬أراب‭ ‬آيدول‮»‬‭ ‬وبطولة‭ ‬المعلمة‭ ‬الأولى،‭ ‬والتلميذ‭ ‬الأكثر‭ ‬عبقرية،‭ ‬وانتصارات‭ ‬‮«‬الفدائي‮»‬‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬لنا‭ ‬تعويضاً‭ ‬مناسباً‭ ‬عن‭ ‬خيباتنا‭. ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬مفيد‭ ‬لرجل‭ ‬السياسة‭ ‬والاقتصاد‭. ‬ولا‭ ‬تنسوا‭ ‬الفوائد‭ ‬الجمة‭ ‬التي‭ ‬تجنيها‭ ‬شركات‭ ‬الاتصالات‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬عمود‭ ‬الرأسمالية‭ ‬المحلية‭. ‬

فكرنا‭ ‬أثناء‭ ‬هليلة‭ ‬‮«‬محمد‭ ‬عساف‮»‬‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬استثنائي‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬عطش‭ ‬مكبوت‭ ‬لأي‭ ‬إنجاز‭ ‬واقعي‭ ‬أو‭ ‬وهمي‭. ‬ومثلما‭ ‬يعلم‭ ‬القارئات‭ ‬والقراء‭ ‬الكرام،‭ ‬فإن‭ ‬فلسطين‭ ‬من‭ ‬أصغر‭ ‬الأقطار‭ ‬العربية‭ ‬مساحة‭ ‬وسكاناً،‭ ‬ولكننا‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬صوتنا‭ ‬مثلما‭ ‬هو‭ ‬واضح‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مصر‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬المغرب‭ ‬أو‭ ‬اليمن‭...‬الخ‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬ببساطة‭ ‬أن‭ ‬مشاركتنا‭ ‬في‭ ‬التصويت‭ ‬ومتابعتنا‭ ‬ل‭ ‬‮«‬بطلنا‭/‬أبطالنا‮»‬‭ ‬لا‭ ‬ينافسها‭ ‬شعب‭ ‬عربي‭ ‬آخر‭.‬

وبالطبع‭ ‬يصعب‭ ‬تفسير‭ ‬ذلك‭ ‬دون‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬انتصار‭ ‬‮«‬آراب‭ ‬ايدول‮»‬‭ ‬يحل‭ ‬محل‭ ‬الانتصارات‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬السياسي‭ ‬أو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬أو‭ ‬الاجتماعي‭ ‬المعاش‭. ‬لنتذكر‭ ‬أن‭ ‬‮«‬فوكس‮»‬‭ ‬قررت‭ ‬إنهاء‭ ‬البرنامج‭ ‬لأنه‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يستقطب‭ ‬مشاهدين‭. ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬المواطن‭ ‬الأمريكي‭ ‬المشهور‭ ‬بالسذاجة‭ ‬يثبت‭ ‬أنه‭ ‬أقل‭ ‬سذاجة‭ ‬من‭ ‬نظيره‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬العربية‭ ‬وفي‭ ‬فلسطين‭ ‬خاصة‭. ‬ومن‭ ‬نافلة‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬أي‭ ‬سياسي‭ ‬أمريكي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقبل‭ ‬بالتصاق‭ ‬اسمه‭ ‬بمسابقة‭ ‬غنائية‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬ريغان‭ ‬الجاهل‭ ‬أو‭ ‬بوش‭ ‬التافه‭ ‬أو‭ ‬ترامب‭ ‬المعتوه‭. ‬

حقق‭ ‬‮«‬أميركان‭ ‬ايدول‮»‬‭ ‬ربحاً‭ ‬مقداره‭ ‬900‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬من‭ ‬الإعلانات‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2004‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬فيما‭ ‬تلاه‭ ‬من‭ ‬أعوام‭ ‬النجاح‭. ‬وقد‭ ‬تلقى‭ ‬رعاية‭ ‬من‭ ‬شركات‭ ‬معروفة‭ ‬للجمهور‭ ‬العربي‭ ‬بوصفها‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬قلاع‭ ‬الرأسمالية‭ ‬والصهيونية‭ ‬ومنها‭ ‬كوكا‭ ‬كولا‭ ‬وسيارات‭ ‬فورد‭ ‬وشركة‭ ‬الاتصالات‭ ‬العملاقة‭ ‬ائي‭ ‬تي‭ ‬اند‭ ‬تي‭. ‬للأسف‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬حوزتنا‭ ‬أية‭ ‬أرقام‭ ‬للعوائد‭ ‬المتحصلة‭ ‬ل‭ ‬ام‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬أو‭ ‬شركات‭ ‬الاتصالات‭ ‬من‭ ‬‮«‬مولد‮»‬‭ ‬أراب‭ ‬ايدول‭. ‬لكننا‭ ‬نتوقع‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬بمئات‭ ‬الملايين‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭.‬

لسنا‭ ‬نخترع‭ ‬العجلة‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬إن‭ ‬أكدنا‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬برامج‭ ‬‮«‬آيدول‮»‬‭ ‬وقريباتها‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تزييف‭ ‬الوعي‭ ‬وإشغاله‭ ‬عن‭ ‬مواجهة‭ ‬الحياة‭ ‬الفعلية،‭ ‬مثلما‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬الربح‭ ‬بوصفها‭ ‬أعمالاً‭ ‬استثمارية‭ ‬مربحة‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬مذهل‭. ‬لكننا‭ ‬نضيف‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬الحالة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬العربية‭ ‬‮«‬تتمتع‮»‬‭ ‬بعنصر‭ ‬إضافي‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬دور‭ ‬هذه‭ ‬البرامج‭ ‬في‭ ‬التأثير‭ ‬السلبي‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬إبعاد‭ ‬الناس‭ ‬عن‭ ‬الانخراط‭ ‬في‭ ‬هم‭ ‬السياسة‭ ‬الفعلية،‭ ‬وكذلك‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬إرضائهم‭ ‬بأوهام‭ ‬انتصارات‭ ‬‮«‬وطنية‭/‬إقليمية‮»‬‭. ‬وقد‭ ‬لاحظنا‭ ‬بحزن‭ ‬شديد‭ ‬أن‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬‮«‬المناضلين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬المسلمين‮»‬‭ ‬لم‭ ‬يسعده‭ ‬فوز‭/‬انتصار‭ ‬يعقوب‭ ‬لأنه‭ ‬مسيحي،‭ ‬فقد‭ ‬خسر‭ ‬المسلمون‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭ ‬المعركة‭. ‬وهذا‭ ‬التعصب‭ ‬الداعشي‭ ‬الأحمق‭ ‬يضيء‭ ‬زاوية‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬زوايا‭ ‬الآلية‭ ‬التي‭ ‬تحققها‭ ‬برامج‭ ‬ام‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬الذائعة‭ ‬الصيت‭. ‬الإم‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬لا‭ ‬توفر‭ ‬وسيلة‭ ‬للربح‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬المتاجرة‭ ‬بالقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬أو‭ ‬آلام‭ ‬السوريين‭ ‬أو‭ ‬اليمنيين،‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬تضرب‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المتاجرة‭ ‬عصفورين‭ ‬مهمين‭ ‬في‭ ‬ان‭ ‬واحد‭: ‬زيادة‭ ‬الأرباح،‭ ‬وتعميق‭ ‬المنافسة‭ ‬الإقليمية‭ ‬الشرسة،‭ ‬ونشر‭ ‬الثقافة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بطبعة‭ ‬فجة‭ ‬بما‭ ‬يخدم‭ ‬مصالح‭ ‬النخب‭ ‬النفطية،‭ ‬ومن‭ ‬يتبنى‭ ‬قيم‭ ‬الاستهلاك‭ ‬والتبعية‭ ‬عوضاً‭ ‬عن‭ ‬الإنتاج‭ ‬والمقاومة‭.‬