الوجه‭ ‬الآخر‭ ‬لـ«قراقوش‮»‬‭ .. ‬معلومات‭ ‬ربما‭ ‬تعرفها‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ !‬


أنباء الوطن -

 

من‭ ‬المقولات‭ ‬الشعبية‭ ‬الشائعة‭ ‬بين‭ ‬عموم‭ ‬المصريين،‭ ‬مقولة‭: ‬‮«‬حكمك‭ ‬حكم‭ ‬قراقوش‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬المقولة‭ ‬التي‭ ‬يرددها‭ ‬المصريون‭ ‬فيما‭ ‬بينهم‭ ‬تدليلا‭ ‬على‭ ‬ظلم‭ ‬الآخرين‭ ‬بالإشارة‭ ‬إلى‭ ‬بهاء‭ ‬الدين‭ ‬قراقوش،‭ ‬الذي‭ ‬ادّعى‭ ‬بعض‭ ‬كُتّاب‭ ‬التاريخ‭ ‬غلوه‭ ‬وقسوته‭ ‬ضد‭ ‬الآخرين‭ ‬في‭ ‬قراراته،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬لتاريخ‭ ‬الرجل‭ ‬رأيًا‭ ‬آخر‭.‬

يكشف‭ ‬موقع‭ ‬‮«‬أرشيف‭ ‬مصر‮»‬‭ ‬الوجه‭ ‬الآخر‭ ‬لبهاء‭ ‬الدين‭ ‬بن‭ ‬عبدالله‭ ‬الأسدي،‭ ‬الشهير‭ ‬بـ«قراقوش‮»‬،‭ ‬ويذكر‭ ‬أنه‭ ‬وُلد‭ ‬بآسيا‭ ‬الصغرى،‭ ‬وخدم‭ ‬أسد‭ ‬الدين‭ ‬شيركوه،‭ ‬القائد‭ ‬العسكري‭ ‬في‭ ‬جيش‭ ‬عماد‭ ‬الدين‭ ‬زنكي،‭ ‬ثم‭ ‬في‭ ‬جيش‭ ‬خليفته‭ ‬نور‭ ‬الدين‭ ‬محمود،‭ ‬وقربه‭ ‬الأخير‭ ‬وقدمه‭ ‬على‭ ‬بقية‭ ‬القواد‭.‬

بهذا‭ ‬الشكل‭ ‬دخل‭ ‬‮«‬قراقوش‮»‬‭ ‬مصر‭ ‬في‭ ‬جيش‭ ‬أسد‭ ‬الدين‭ ‬شيركوه‭ ‬وابن‭ ‬أخيه‭ ‬صلاح‭ ‬الدين‭ ‬الأيوبي،‭ ‬وكان‭ ‬ضلعًا‭ ‬في‭ ‬مثلث‭ ‬ارتكزت‭ ‬عليه‭ ‬الدولة‭ ‬الأيوبية،‭ ‬بعد‭ ‬كلٍ‭ ‬من‭ ‬الفقيه‭ ‬عيسى‭ ‬المهكاري‭ ‬والقاضي‭ ‬الفاضل‭.‬

ومع‭ ‬تولي‭ ‬صلاح‭ ‬الدين‭ ‬الأيوبي‭ ‬الحكم‭ ‬وتسلمه‭ ‬للقصر‭ ‬الفاطمي‭ ‬ولّى‭ ‬‮«‬قراقوش‮»‬‭ ‬أمينًا‭ ‬على‭ ‬البناية،‭ ‬نظرًا‭ ‬لاحتوائها‭ ‬على‭ ‬كنوز‭ ‬هائلة،‭ ‬ولحراسة‭ ‬الخزائن‭ ‬فيها‭ ‬كذلك‭.‬

لـ«قراقوش‮»‬،‭ ‬حسب‭ ‬رواية‭ ‬موقع‭ ‬‮«‬أرشيف‭ ‬مصر‮»‬،‭ ‬عبقرية‭ ‬هندسية‭ ‬استغلها‭ ‬فى‭ ‬النواحي‭ ‬العسكرية،‭ ‬ونتيجة‭ ‬لذلك‭ ‬شيّد‭ ‬قلعة‭ ‬الجبل‭ ‬‮«‬صلاح‭ ‬الدين‭ ‬الأيوبي‮»‬،‭ ‬وكان‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬سكنها‭ ‬هو‭ ‬الملك‭ ‬الكامل،‭ ‬الذي‭ ‬أكمل‭ ‬بناءها‭.‬

ولم‭ ‬يتوقف‭ ‬‮«‬قراقوش‮»‬‭ ‬عند‭ ‬ذلك،‭ ‬بل‭ ‬شيّد‭ ‬قلعة‭ ‬‮«‬المقسي‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬برج‭ ‬كبير‭ ‬بناه‭ ‬على‭ ‬النيل،‭ ‬وأقام‭ ‬بالقرب‭ ‬منه‭ ‬أبراجًا‭ ‬أخرى‭ ‬على‭ ‬الطراز‭ ‬الأفرنجي‭ ‬لا‭ ‬الفاطمي‭.‬

وبنى‭ ‬‮«‬قراقوش‮»‬‭ ‬سورًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬من‭ ‬أحجار‭ ‬الأهرامات‭ ‬يحيط‭ ‬بالجيزة‭ ‬ناحية‭ ‬الصحراء‭ ‬الغربية،‭ ‬وآخر‭ ‬حول‭ ‬القاهرة،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬حجارة‭ ‬الأهرامات‭ ‬الصغيرة،‭ ‬وحفر‭ ‬فيه‭ ‬بئرًا‭ ‬وضم‭ ‬مسجدًا‭.‬

وحسب‭ ‬رواية‭ ‬موقع‭ ‬‮«‬أرشيف‭ ‬مصر‮»‬،‭ ‬كان‭ ‬البئر‭ ‬من‭ ‬عجائب‭ ‬الأبنية،‭ ‬وتابع‭ : ‬‮«‬يدور‭ ‬البقر‭ ‬من‭ ‬أعلاها‭ ‬وينقل‭ ‬الماء‭ ‬من‭ ‬وسطها‭ ‬وتدور‭ ‬أبقار‭ ‬أخرى‭ ‬وسطها،‭ ‬فينقل‭ ‬الماء‭ ‬من‭ ‬أسفلها‭ ‬وجميع‭ ‬ذلك‭ ‬حجر‭ ‬منحوت‭ ‬ليس‭ ‬فيه‭ ‬بناء،‭ ‬وقيل‭ ‬إن‭ ‬أرض‭ ‬هذه‭ ‬البئر‭ ‬مسامتة‭ ‬لأرض‭ ‬بركة‭ ‬الفيل‭ ‬وإن‭ ‬ماءها‭ ‬عذب‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬الأمر،‭ ‬ثم‭ ‬أراد‭ ‬قراقوش‭ ‬الزيادة‭ ‬في‭ ‬مائها‭ ‬فوسعها‭ ‬وخرجت‭ ‬منها‭ ‬عين‭ ‬مالحة‭ ‬غيَّرت‭ ‬حلاوتها‮»‬‭.‬

واستمر‭ ‬‮«‬قراقوش‮»‬‭ ‬في‭ ‬تشييد‭ ‬الأسوار،‭ ‬ببنائه‭ ‬3‭ ‬أخرى‭ ‬بأسماء‭ ‬‮«‬جوهر‭ ‬الصقلي‮»‬‭ ‬و«بدر‭ ‬الدين‭ ‬الجمالي‮»‬‭ ‬و«قراقوش‮»‬،‭ ‬وجميعها‭ ‬من‭ ‬الطوب‭ ‬اللبن‭.‬

ومع‭ ‬دخول‭ ‬صلاح‭ ‬الدين‭ ‬عكا،‭ ‬كلّف‭ ‬‮«‬قراقوش‮»‬‭ ‬بإعادة‭ ‬بناء‭ ‬سورها‭ ‬المتهدم،‭ ‬ومع‭ ‬شروعه‭ ‬في‭ ‬مهمته‭ ‬فوجئ‭ ‬بحصار‭ ‬الفرنجة‭ ‬له،‭ ‬ورغم‭ ‬مقاومته‭ ‬هُزمت‭ ‬قواته‭ ‬ووقع‭ ‬هو‭ ‬نفسه‭ ‬أسيرًا‭ ‬لديهم،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أفرجوا‭ ‬عنه‭ ‬عام‭ ‬1192‭ ‬بموجب‭ ‬اتفاق‭ ‬الصلح‭.‬

وبتولي‭ ‬‮«‬العزيز‮»‬‭ ‬حكم‭ ‬مصر‭ ‬كان‭ ‬ينيب‭ ‬‮«‬قراقوش‮»‬‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬البلاد،‭ ‬إذا‭ ‬خرج‭ ‬الأول‭ ‬للقتال،‭ ‬وبالفعل‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬إحباط‭ ‬محاولة‭ ‬انقلاب‭ ‬قادها‭ ‬‮«‬العادل‮»‬‭ ‬بالاتفاق‭ ‬مع‭ ‬قائد‭ ‬أكبر‭ ‬قوات‭ ‬‮«‬العزيز‮»‬‭ ‬وهو‭ ‬حسام‭ ‬الدين‭ ‬أبو‭ ‬الهيجاء‭ ‬السمين،‭ ‬زعيم‭ ‬الأسدية‭.‬

ومع‭ ‬وفاة‭ ‬‮«‬العزيز‮»‬‭ ‬تولى‭ ‬‮«‬المنصور‮»‬‭ ‬الحكم،‭ ‬لكن‭ ‬عمره‭ ‬كان‭ ‬9‭ ‬سنوات،‭ ‬ليكون‭ ‬‮«‬قراقوش‮»‬‭ ‬وصيًا‭ ‬على‭ ‬العرش،‭ ‬والذي‭ ‬تنازل‭ ‬لصالح‭ ‬‮«‬الملك‭ ‬الأفضل‮»‬‭ ‬عم‭ ‬الصبي‭ ‬لوقوع‭ ‬خلافات‭ ‬بين‭ ‬أفراد‭ ‬العائلة‭ ‬الحاكمة،‭ ‬وبفعل‭ ‬مؤامرات‭ ‬‮«‬العادل‮»‬‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬الانقلاب‭ ‬عليهم،‭ ‬حينها‭ ‬فر‭ ‬‮«‬الأفضل‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬الشام‭ ‬وخلع‭ ‬‮«‬العادل‮»‬‭ ‬الحاكم‭ ‬الصبي‭ ‬‮«‬المنصور‮»‬،‭ ‬وللبُعد‭ ‬عن‭ ‬بطشه‭ ‬توارى‭ ‬‮«‬قراقوش‮»‬‭ ‬عن‭ ‬الأنظار‭ ‬حتى‭ ‬توفي‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬شهر‭ ‬رجب‭ ‬سنة‭ ‬597هـ،‭ ‬والموافق‭ ‬1200م،‭ ‬حسب‭ ‬رواية‭ ‬موقع‭ ‬‮«‬أرشيف‭ ‬مصر‮»‬‭.‬

‭..............‬

المصدر‭: ‬المصري‭ ‬لايت