ت الخبير زياد الرفاتي يكتب عن حالة الاستقرار النقدي التي يعيشها الأردن


أنباء الوطن -

يحتفل الأردنيون بذكرى استقلال المملكة الأردنية الهاشمية السابع والسبعين بهامات عالية ونفوس ملؤها الفخر والاعتزاز والشموخ وقلوب مفعمة بالثقة والأمل نحو غد أفضل ومستقبل مشرق أكثر تطورا وازدهارا تحت القيادة الهاشمية الحكيمة واصرار وارادة وعزم الأردنيين على المضي قدما نحو تحقيق الأهداف والطموحات المرجوة متغلبين على التحديات والصعاب وتحويلها الى فرص .

وفي عهد الاستقلال وعلى امتداد سنواته المشرقة، فقد شهدت القطاعات المصرفية والمالية والنقدية تطورات هائلة جعلت المملكة في طليعة الدول الرائدة في المنطقة والاقليم وقوة أدائها ومتانة مراكزها المالية وبشهادة المؤسسات الدولية ووكالات التصنيف العالمية ، وكان للسياسة النقدية دور أساسي في ذلك .

فاقتصاد أي دولة يرتكز على نوعين من السياسات وهما السياسة المالية التي تديرها وزارة المالية والسياسة النقدية التي يديرها البنك المركزي ، ويفترض بهما التكامل وسيرهما لتحقيق الأهداف المشتركة للاقتصاد الوطني .

وتهدف السياسة المالية الى رفع كفاءة الانفاق والسياسات الضريبية والاصلاحات المالية والاقتصادية الهيكلية ، وتنويع واستدامة مصادر الايرادات ، ووضع استراتيجيات لتجنب الاعتماد على الضرائب وضبط العجز والمديونية وعدم تفاقمها كنسبة مئوية من الناتج المحلي الاجمالي ، وتحقيق معدلات مقبولة من النمو الاقتصادي ، وجذب وحفز وتوطين الاستثمارات في المملكة التي تعاني من مشكلات اقتصادية حلها في الاستثمار ، وخلق فرص العمل وتوجيه حقيقي للنفقات والمشاريع الرأسمالية من خلال اطلاق مشاريع استثمارية استراتيجية كبرى مشغلة للأيدي العاملة 

وبشراكة واسعة مع القطاع الخاص في ظل محدودية الموارد المالية الحكومية المتاحة ، وتنمية الصادرات والحد من العراقيل التي تواجهها ودعم الصناعة الوطنية، واتخاذ الاجراءات والخطوات العملية نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي والاعتماد على الذات ، وتعظيم دور القطاع السياحي ومساهمته في الناتج المحلي الاجمالي والذي يعتبر ركيزة أساسية في الاقتصاد والتنمية ، وتعزيز التصنيف الائتماني للدولة بما يدعم مركزها المالي وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها أمام الجهات المقرضة والمانحة .

 

ويعرف الاستقرار النقدي بانه استقرار لسعر صرف العملة الوطنية وتجنب تعرضها لتقلبات أو وتذبذبات حادة بهدف المحافظة على القدرات الشرائية للمواطنين للبنك ، وتعمل السياسة النقدية في الأردن في هذا الاتجاه من خلال المحافظة على سعر صرف الدينار الأردني مقابل الدولار الأمريكي وبالتالي العملات الأجنبية الأخرى وجاذبيته كوعاء ادخاري وهو الهدف الأساسي للبنك المركزي الأردني ويمثل الدولار أقوى عملة وأكثرها انتشارا وتداولا في العالم ، وتحقق استقرار سعر صرف الدينار من خلال ربط سعر الصرف بالدولار منذ عام 1995وما زال ، حيث لم يتعرض سعر صرف الدينارلهزات تؤثر على قيمته طوال 28عاما ماضية وهي كافية للحكم على فعالية ونجاعة عملية الربط ، ولا نعتقد أن الأردن سيكرر تجربة عام 1989 في التعويم وليس من مصلحة الاقتصاد الأردني التعويم ولا يجب أن يكون مطروحا أو مطلبا حيث الظروف مختلفة تماما بين ذلك الزمن والفترة الحالية وللاثار السلبية التي يلحقها التعويم بالعملة المحلية من حيث انخفاض قيمة النقود والمدخرات وزيادة أسعار السلع والخدمات وبالتالي التضخم ولنا في عملات دول أخرى تجارب في ذلك ، وحالة عدم اليقين التي تلف الاقتصاد العالمي ، ونتائج المراجعات المستمرة المرضية لبعثات صندوق النقد الدولي حول أداء الاقتصاد الأردني وشهاداتهم الايجابية حوله ، وكذلك توفر أدوات السياسة النقدية لدى البنك المركزي الأردني والتي تعينه في ادارة تلك السياسة من نسبة الاحتياطي النقدي الالزامي وسياسة السوق المفتوحة ونافذة الايداع لليلة واحدة أو لأسبوع وحتواء الضغوط التضخمية و حالات الانكماش بالتحكم بعرض النقد وأسعار الفائدة حسب الظروف والمتغيرات المحلية والاقليمية والعالمية .

وقد حافظت معدلات التضخم في الأردن على مستوياتها المقبولة مقارنة مع دول أخرى بل وفي تراجع لها ، مما يظهر فعالية السياسة النقدية التي ينتهجها البنك المركزي في تعزيز الاستقرار النقدي في المملكة والسيطرة على التضخم والذي يصب في النهاية في تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي وتعزيز التمويل المستدام في القطاع المصرفي ودوره الأساسي في تحقيق التنمية الاقتصادية .

ويعزز السياسة النقدية الحصيفة وعملية الربط الاستمرار في احتفاظ المملكة باحتياطي استراتيجي مريح وامن من العملات الأجنبية والذهب وهو المرتكز الأساسي لاستقرار سعر الصرف وبنحو 17 مليار دولار وهو حاليا من أعلى المستويات مقارنة بالسنوات السابقة ، ويتغذى من مصادر نقدية خارجية مستدامة كالصادرات والسياحة والحوالات وتدفقات الاستثمارات الخارجية والقروض والمنح والمساعدات الخارجية ، وبالرغم مما يقابل تلك المصادر من استخدامات للعملة الأجنبية الا أن الاحتياطي الأجنبي في أعلى مستوياته ووصل الى أرقام غير مسبوقة مقارنة بسنوات سابقة مضت على الاقتصاد الأردني ويكفي لتغطية المستوردات لنحو سبعة أشهر .

وامتدادا للسياسة النقدية الحصيفة ، فقد احتل الدينار الأردني المرتبة الرابعة عالميا من حيث القيمة النقدية بعد الدينار الكويتي والدينار البحريني والريال العماني وعدم تأثره بالضغوطات والصدمات الخارجية .