العنصرية عندما تغلي على نار هادئة


أنباء الوطن -

 

تهاني روحي

تحتفل الأمم المتحدة والعالم باليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري، وشعارها هذا العام منع التمييز عن شخصيات عالمية تكافح التمييز في الرياضة. وأطلقت مفوضية الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان حملتها عبر الهاشتاغ (اوقفوا التمييز) لتعزيز ثقافة عالمية من التسامح والمساواة ومكافحة التمييز.

في الواقع، ان التّعصّب العرقيّ يمكن أن يسود في العديد من جوانب حياتنا ونحن لسنا بمنأى عنه، وفي أسوأ حالاته، يُمكن أن يجر الى صّراع عنيف لانه اي التعصب العرقي بالعادة يكون مدفوعًا جرّاء العوامل الاجتماعيّة السّلبيّة السّائدة. واذا ما اردنا محاربته بتصميم أكيد، علينا ان نعي اولا بحقيقة أنّ جميع البشر يشتركون في الفطرة الرّوحانيّة نفسها، وأنّهم أعضاء عائلة إنسانيّة واحدة، وسكان وطن مشترك واحد. فالرّوح ليس لها جنس ولا عرق ولا قوميّة، وجميع البشر في نظر الله سواسية وهذه الحقيقة مرتبطة بشكلٍ مباشر، وهي أنّ الإنسانية عائلة واحدة.  

ويكون من المفيد أيضا أن نحاول اظهار قيمة وجمالية التنوع، لأنه ثراء لمجتمعاتنا والتي تتجلى في أشكال العادات والتّقاليد والمعرفة والثّقافة، فاختلافها يكون سببًا في ازدياد رونقها وجمالها، وهنا نعني الوحدة في التّنوع، وليس التّماثل.

وعندها تنقسم المجتمعات إلى مجموعات ذات مصالح مُتنافسة، يخوض الكثير منها صراعًا من أجل الهيمنة، وتبقى المنافسة بين الجماعات شيىء ضار بالجميع، ويعيق العدالة، ويكبت إمكانات الأفراد والجماعات، الذين تُعدّ مساهماتهم ضروريّة لإصلاح المُجتمع. وهنا فان حدود للعلاقة مع "الآخر" تعني ضمنياً، العيش المشترك مع احترام الفروق، فإذا فهمنا حدود هذه العلاقة، والسائرة كلها نحو التكامل والترقي، فإننا سندرك بشكل جدي أفضل المناهج والسبل اللازمة للمواجهة والتصدي لهذه الآفة. 

وعودة الى شعار هذا العام لالقاء الضوء على شخصيات عالمية تكافح التمييز في الرياضة، لا بد من العودة الى التعصب الرياضي وما يشوبه من تشويه وايذاء للنادي الخصم، فالتعصب الرياضي يشوه الحقائق ويجعل الشخص يتنازل عن الكثير من مبادئه وقيمه. إنّ عدم الثّقة أو الكراهية ضدّ شخص آخر أو مجموعة او حتى نادي رياضي هو مرض اجتماعي يجب القضاء عليه. في ضوء هذا، فإنّ القضاء على التّعصّب العرقيّ يستلزم التّحوّل على مستوى الفرد والبيئة الاجتماعيّة في آنٍ معًا. وبالمحصلة فإن الإنسان جزءٌ لا يتجزّأ من العالم، فحياته الوجدانيّة تؤثّر على البيئة وتتأثّر بها بشدّة أيضًا وكلّ تغييرٍ دائمٍ في حياة الإنسان هو نتيجة هذه التّفاعلات المتبادلة.

إنّ السّعي إلى التّحرّر من التّعصّب العرقيّ هو واجب بالغ الأهميّة. إنّ العلاقة بين العنصرية والصراع هي علاقة عميقة ومتجذّرة وقد حذر الأمين العام للأمم المتحدة شعوب العالم وحكوماته من أن ترك المشاكل المجتمعيّة الخطيرة الناتجة عن التعصب والعنصرية تغلي على نار هادئة يخلق خطر حقيقي من اندلاع صراعات متفجرة في وقت لاحق قد تستمر لسنوات أو لعقود. إنّ استمرار العنصرية والتحامل على الآخرين هو الذي يخلق الخطاب المسؤول عن تنمية النزاعات واستمراريتها - سواء في العالم المتقدم أو النامي. جاهدًا ، منفصلاً عن ثقافته. مهما كانت ، سوف تتغلغل الثقافة في خصائص الفرد ، وخاصة شخصيته وتاريخه ومعرفته الفردية. كقاعدة عامة ، مع نمو الفرد وإقامة المزيد من العلاقات مع الأعضاء الآخرين في المجموعة الداخلية ، يُظهر الفرد ولاءً أكبر تجاههم ، كونه أكثر إخلاصًا للمعايير المفروضة اجتماعيًا.

في المقابل ، فإن المركزية العرقية لها عنصر مهم عبر الأجيال ، أي أنها تنتقل من جيل إلى جيل. الصور النمطية ووجهات نظر العالم ، مهما كانت زائفة أو مبالغ فيها ، يتم تعزيزها وتعزيزها مع مرور الوقت ، وتنتقل من الأب إلى الابن بل وأصبحوا مكونًا مهمًا في ثقافتهم.