الزلازل وإعادة ترتيب النظام الكوني


أنباء الوطن -

الأستاذ الدكتور: رشيد عبّاس

اعترفت البشرية جمعاء أن ظاهرة كورونا التي اجتاحت جميع أنحاء العالم قبل ثلاثة أعوام قد غيّرت طبيعة حياة الإنسان على الأقل اقتصاديا واجتماعيا وما زالت نتائج ذلك ماثلة أمام أعيننا, ناهيك عن ملايين الخسائر البشرية التي وقعت جرّاء ذلك, وربما تلاحقنا أجيال أخرى جديدة من هذا الفيروس القاتل لاحقاً, الأمر الذي أوصل منظمة الصحة العالمية حالة من اليأس وقتها للتبنى ما يسمى بنظرية (مناعة القطيع).

اليوم نحن أمام ظاهرة كونية جديدة قد تبدو مرعبة وهي كذلك.. إنها ظاهرة الزلازل المدمرة التي بدأت مؤشرات ريختر في جميع أنحاء العالم ترسم خطوط بيانية لها وصلت مؤخراً إلى درجة 7.8 والتي أدّت بدورها إلى تدمير شامل وإلى وقوع آلاف الضحايا في المناطق التي وقعت فيها, وما زالت الارتدادات تجوب جميع انحاء العالم إلى يومنا هذا. 

العالم اليوم على أعتاب زلازل مرعبة وذلك لإعادة ترتيب النظام الكوني, ويتوقع علماء الزلازل المتخصصين أننا أمام مشاهد مرعبة ومتوقعة كانتشار الموجات المرنة في جميع أنحاء بواطن الكرة الأرضية, وحدوث تسونامات مخيفه وظهور عمليات بركانية وتكتونية مصحوبة بانفجارات ضخمة جداً, بحيث يصعب التنبؤ بالتوزيع الجغرافي لها, وبالعمق البؤري لها, وبالتالي عدم القدرة على تحديد الطاقة الزلزالية المتحررة, والقوة التدميرية لذلك.

أشار عالم الزلازل الامريكي «Bruce Bolt» أن النظام الكوني وبعد مضي ملايين السنين عليه بحاجة ماسة إلى إعادة ترتيب لنظام الكون, وإعادة الترتيب هذه قد تتطلب وقوع زلازل مدمرة من شأنها أن تعمل على إعادة ترتيب القارات من جديد, وتعمل على إعادة ترتيب مسارات الكواكب والمجرات في الفضاء من جديد, ثم تعمل أيضاً على إعادة ترتيب بواطن الأرض وما تحمله هذه البواطن من معادن وغازات وبقايا كائنات حيوانية ونباتية (بترول) خام وما إلى ذلك من مستودعات متهيجة غير مستقرة في بواطن الأرض والتي مضى عليها ملايين السنين. 

ونوه أيضاُ عالم الزلازل الايرلندي «Robert Mallet» إلى أن النظام الكوني عنيد وشرس لدرجة أنه ربما يستدعي زلازل مرعبة ومدمرة قد تؤدي بدورها إلى تشكل يابسة (قارات جديدة) في عرض بعض المحيطات, أو ربما تؤدي في المقابل إلى دفن ودثر قارات بعينها وتمسحها عن الوجود, وأن الإنسان أمام إعادة ترتيب النظام الكوني من خلال الزلازل المدمرة سيكون أضعف مخلوق على هذه الأرض, في حين أن الطيور والحيوانات ذات التنبؤ الفطري يمكن لها أن تهاجر أو ربما تتكيف مع مثل هذه الظواهر الضخمة, حتى النباتات يمكن أن تحمل الرياح والمياه بذورها الخفيفة وتنقلها من قارة إلى أخرى. 

أنه التوازن الكوني, وأنه إعادة ترتيب النظام الكوني من جديد والذي يحتاجه الكون إليه بعد مضي ملايين من السنين ليتكرر, ومع أن كل ذلك يترك خلفه كوارث طبيعية يتغير من خلاله النظام الكوني بأسره, إلا أن هناك فوائد عظيمة في الفضاء تعمل على التوازن الكوني لمسارات الكواكب والنجوم والمجرات, والعمل على استقرار المناخ والطقس والمياه على الكرة الأرضية, ثم تخفيف هيجان بواطن الارض, وذلك من أجل حياة جديدة متوازنة للمملكة الحيوانية والمملكة النباتية على الكرة الأرضية لقرون أو ربما سنوات قادمة لا يعلم عددها إلا الله سبحانه وتعالى. 

اعتقد جازماً أن جميع الحيثيات السابقة موجودة في ثنايا كتاب الله (القرآن الكريم), وعلينا أن نعيد قراءته من جديد.. لكن بطريقة (التدبّر) وليس بطريقة الاحتفالات والمناسبات وتوزيع الجوائز والدروع وتغميض الاعين أثناء قراءته, كي لا نتفاجأ في قادم الأيام بما تقوم به الزلازل من إعادة ترتيب النظام الكوني.

بقي أن نقول: في الأمس أرتبك أطباء منظمة الصحة العالمية وتبنوا نظرية (مناعة القطيع) وحدث ما حدث, واليوم يرتبك علماء الزلازل, فماذا سيتبنوا من نظريات؟.. نظرية (مناعة الأساس)!