راعون الأوله أكلوا هوى بالأردن


أنباء الوطن -

 

يحكى أن هناك رجل بدوي كريم المسلك والنفس يسكن مع زوجته وأولاده الصغار في بيت شعر في منطقة نائية من البادية ، هذا البدوي استأثر مكانا يقع على طُرق القوافل والرحالة من أجل أن يجود ويكرم للضيوف وعابرين السبيل ومرارين الطريق، فهو يملك من الحلال والإبل من يُمكنه من الجود بما يملك .
في احد المرات لفى أحد الشيوخ على بيته حيث لم يكن راعي البيت موجودا ، فاستقبلت الضيف زوجته التي كانت صغيرة العمر و غاية في الجمال والمنطق وحسن التصرف ، فاكرمت الضيف واحسنت رِفادته من ذبح الخروف وطبخ الغداء وإعداد القهوة له ، إلى أن حضر زوجها الذي انبسط بوجود ضيف بمنزله، وأثناء الحديث بينهما توقع الضيف بأن من استقبلته ورحبت به هي بنت راعي البيت وليس زوجته ، فقام بوضع فنجان القهوة الذي قدم له من قبل راعي البيت ملمحا إلى طلبا في نفسه ، فقال له صاحب البيت: ابشر يا ضيف الرحمن بالي تريده ، فقام الضيف بطلب يد راعية البيت للزواج منها بعد أن عرّف بنفسه بأنه الشيخ فلان المعروف بكرمه والذائع صيته بين العربان ، وكون صاحب البيت لم يتعود في حياته أن يرفض طلبات ضيوفه حيث قال له : ابشر تراها جَتَك على سنة الله ورسوله ، وإن شاءالله تأخذها معك .
دخل راعي البيت على زوجته وقال لها ما حدث وأراد ان يطلقها إلا أنها طلبت منه أن يتريث لعلها تجد حلا لهذه المشكلة ، فقامت بتجهيز ملابسها وعدتها وركبت الهودج وسارت وراء الشيخ الذي بعد أن قطع مسافة توقف للإستراحة والتمعن في وجه زوجته الجديدة ، فوجد الدموع في عينيها لا تتوقف من السيلان على خدودها المصفرة ، فسألها عن حالتها هذه ، فأخبرته بحقيقتها وطبع زوجها الذي لم يرفض في حياته طلبا لضيف حلّ بداره ، فقرر العودة بها إلى بيتها وإعادتها لزوجها وطلب منهما بأن يرحلا ويسكنه معه في ديرته، لأن مثلهما لا يمكن له إلا أن يجاورهما .
عاد الشيخ وراعي البيت الكريم إلى عرب الشيخ وجعله بيتهما مجاورا لبيته ، وكان الشيخ ارملا قد فقد زوجته وعنده طفل صغير منها ، فما كان من هذا الطفل إلا أن أحب زوجة الكريم وهي احبته وصار يقضي معظم اوقاته في منزلهما لدرجة أن صار ينام بجانب الزوجه لكثر ما تعلق بها .
ولكنه بعد بلوغه سن المراهقة ابلغته الزوجة بأن ينام في شِق الرجال حيث صار هذا هو الحال، ولكن ابن الشيخ صار يحن لحضن زوجة الراعي ووجد فيه حضن أمه الذي فقدها واعتبرها أمه الثانية .
وصار عند ابن الشيخ حالة من الإكتئاب لدرجة أنه في احد الليالي خرج من بيت والده وذهب لينام بجانب زوجة الكريم الذي كان خارج بيته، وعندما عاد الكريم لمنزله ليلا ولعدم وجود إضاءة مناسبة وجد أحد الأشخاص نائما بجانب زوجته ، فما كان منه إلا أن قام بسحب خنجره وطعنه عدة طعنات حتى فارق الحياة، حيث لم تنفع صرخات الزوجة على زوجها بأن هذا هو ابن الشيخ الذي جاء ليتعلل عندها وغلب عليه النُعاس ونَومتُه بجانبها لأنه يعتبر مثل إبنها .

بعد ما حدث قام الكريم بحمل ابن الشيخ الميت والمضرج بدمائه إلى الشيخ ووضعه امامه ووضع نفس الخنجر الذي طعن به ابن الشيخ بيد الشيخ وأحنى له رقبته ليقتص منه، فطلب منه الشيخ أن يقص له ما حدث معه، وبالفعل روى الكريم للشيخ ما حدث معه .

هنا قام الشيخ بطلب أفراد العشيرة وخطب فيهم قائلا :
……راعي الأوله ما بنلحق……
وسامح الكريم أمام القبيلة وعادت الأمور إلى طبيعتها.

لقد فقدنا الكثير من ابنائنا في ارتفاع نسب البطالة وعدم توفر فرص العمل من قبل الحكومات وانتشار آفة المخدرات بينهم وزيادة حالات الانتحار في هذا الوطن من الكرم الزائد الذي تقدمه الدولة الى اللاجئين من رعاية والمتعاقدين المستعمرين والمتعاقدين في المياه والغاز والقواعد العسكرية من حقوق تحت مقولة :
…..راعين الأولة ما بنلحقوا …..