منتدى الفكر العربي باحثون وأكاديميون يناقشون أهمية الوثائق الوطنية في البحث التاريخي


أنباء الوطن -

عقد منتدى الفكر العربي، الأسبوع الماضي بمناسبة عيد الاستقلال ومئوية الدولة الأردنية، لقاءً حوارياً وجاهياً وعبر تقنية الاتصال المرئي، حاضر فيه الباحث ومدير عام المكتبة الوطنية السابق الباحث محمد يونس العبادي حول «وثائق الاستقلال وإعلان المملكة الأردنية الهاشمية»، وشارك بالمداخلات، في هذا اللقاء الذي أداره الوزير الأسبق وأمين عام المنتدى د. محمد أبو حمّور، كل من: د.جمال الشلبي من الجامعة الهاشمية، ورئيس مركز عمّان والخليج للدراسات الاستراتيجية الأستاذ محمد العدوان، ود.خليل حجاج من جامعة العلوم الإسلامية العالمية، والأكاديمي والإعلامي د.جورج طريف، ود.مهران الزعبي من جامعة البترا.

أوضّحَ المُحاضِر الباحث محمد يونس العبادي أهمية الوثائق الوطنية في دراسة وبيان التاريخ، مبيناً بأن الوثيقة هي لسان التاريخ ولا تاريخ للأمم دون وثيقة، وأن الحفاظ على هذه الوثائق أمر مهم وضروري لكونها إرثاً ثقافياً ومرجعاً غنياً، وينبغي العمل على تدريسها وجعلها مصدراً ومرجعاً للباحثين والطلبة، مشيراً إلى وجود أكثر من مليون وثيقة وطنية تتناول موضوعات سياسية وتاريخية واجتماعية تم إدراجها على موقع المكتبة الوطنية خلال السنوات الماضية.

وتناول العبادي أبرز المحطات التي قادت الملك المؤسس عبدالله الأول بن الحسين إلى تحقيق استقلال المملكة الأردنية الهاشمية في 25 أيار 1946، وذلك من خلال الوثائق التي أرخت ووثقت سيرته وتتبعت ما عاصره من أحداث، مؤكداً بأن الملك المؤسس عمل في هذا السياق على صون الحقوق العربية بعد انهيار الحكومة العربية في دمشق بقيادة الأمير فيصل بن الحسين، وتعزيز الحكم العربي في العراق، وتأكيد الحقوق العربية للفلسطينيين وحماية الأردن من الأطماع في ضوء وعد بلفور، مبيناً بأن إعلان الاستقلال جاء امتداداً لمسيرة الملك المؤسس ولإيمانه بأن الأردن جزء من مشروع النهضة العربية الكبرى.

وأشار العبادي إلى مؤتمر القدس الذي عُقد عام 1921، والذي انبثق عنه عدد من التوصيات ومنها: إقامة حكومة وطنية في شرق الأردن برئاسة الأمير عبدالله، وأن تكون هذه الحكومة مستقلة، وتساعدها الدولة المنتدبة بريطانيا في توطيد الأمن، مما كان له الأثر الواضح في البدء بتأسيس إمارة شرقي الأردن، وتشكيل أول حكومة أردنية.

وبَيّن العبادي وثيقة القانون الأساسي الصادرة عام 1928، وقال: إن الإمارة الأردنية تكونت من 6 مقاطعات بموجب أول قانون صدر للتقسيمات الإدارية في جريدة «الشرق العربي» وهي: عمّان والكرك ومادبا والسلط وجرش وإربد، كما تناول وثائق البلديات التي تبين دور المجالس البلدية في الاستقلال لكونها من أقدم المؤسسات الأهلية الشعبية المنتخبة، كما أشار إلى رسائل وبرقيات التهنئة بالاستقلال التي وردت إلى الديوان الملكي من مختلف الأقطار العربية، وبرنامج حفل يوم الاستقلال.

وفي كلمته التقديمية أوضح د.محمد أبو حمّور أن الأوراق النقاشية لجلالة الملك عبد الله الثاني جاءت لتعزز ما تحقق من إنجازات خلال المئوية الأولى من عمر الدولة، ولتؤكد أن هناك المزيد من الإنجازات المقبلة، موضحاً بأن الورقة النقاشية السادسة تُبرز أهم معالم الدولة الأردنية في المئوية الثانية من حيث ترسيخ سيادة القانون ونهج المساواة والعدل وتكافؤ الفرص وحصول المواطن على جميع حقوقه تعزيزاً لبناء هويته.

وأشار د.أبو حمّور إلى رؤية صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال في مقاله المرجعي «على عتبة المئوية الثانية للدولة»، والتي توضح صورة الدولة الأردنية ومؤسساتها وأركانها خلال المئوية الثانية، وما أنجزته في مئويتها الأولى، مبيناً بأن منتدى الفكر العربي مستنيراً بتوجيهات سموه عمل على عقد لقاءات وحوارات تناولت الأوراق النقاشية الملكية، ووثق ذلك في كتابين، بالإضافة إلى عدد من اللقاءات التي تناولت محاور مختلفة حول مئوية الدولة الثانية.

وقال د.جمال الشلبي: إن الوثائق المتعلقة بقيام حكم الملك المؤسس عبدالله تشكل موضوعاً مهماً للدراسة من ناحية سياسية كونها تشير إلى دور النظام السياسي في بناء الدولة الأردنية، وتعد مرجعاً أساسياً لفهم التاريخ المعاصر للدولة منذ كانت إمارة عام 1921 ثم المملكة الأردنية الهاشمية عام 1946، وموضحاً بأن هذه الوثائق تُعد المرجعية الأهم في بيان بناء الوحدة العربية والتضامن العربي في سلوكها السياسي والاجتماعي والدبلوماسي، مشيراً إلى قلة المصادر والمراجع والوثائق التي تتحدث عن بداية تأسيس الدولة الأردنية في المكتبات العالمية.

وتحدث الأستاذ محمد العدوان عن أن جميع الوثائق الرسمية وغير الرسمية والنادرة التي قام بدراستها بينت أن نهج الملك المؤسس في الاستقلال يكمن في تمكين الإنسان العربي وتسليحه بالعلم ليتمتع بالخُلق الرفيع والكرامة، والفهم والإدراك بأن الدولة لا تقاس بحجمها وعدد سكانها بل بتأثير أهلها ونضجهم ومشاركتهم الإنسانية، وأنه تعرض للاستهداف الإعلامي والتشويش الفكري والانتقاد من قبل الصهيونية العالمية، ولم يتم الاحتكام إلى تصريحاته وخطاباته والوثائق وأعماله في الحكم عليه، مما يؤكد ضرورة دراستها والعمل على نشرها.

ومن جهته بَيّنَ د.خليل حجاج أهمية دراسة وثائق البلديات والكتب الإجرائية التي قامت بها الحكومة والمجلس التشريعي خلال فترة الاستقلال، ونص المعاهدة الأردنية – البريطانية التي وقعت عام 1928، ووثيقة دمشق التي صدرت عن الجمعيتين العربيتين (العربية الفتاة والعهد)، وأعداد صحيفة «الحق يعلو»، ووثائق تعديل الدستور عامي 1946 و1947، ومذكرات كل من الملك الراحل عبدالله الأول والتي حملت عنوان «مذكراتي»، ومجلدات «الوثائق الهاشمية»، مبيناً أهمية متحف الحياة البرلمانية في توثيق الأحداث المفصلية والحياة التشريعية في الأردن.

وبدوره أشار د.جورج طريف إلى دور الملك المؤسس ورجالات الدولة الأوائل في إنهاء الانتداب البريطاني وتحقيق الاستقلال على الرغم من قلة الإمكانات المتاحة، وذلك من خلال عدد من الوثائق ومنها: وثيقة القانون الأساسي، ووثيقة مشروع قانون انتخاب النواب في منطقة الشرق العربي لسنة 1923، ووثيقة من الوثائق القومية في الوحدة السورية الطبيعة والتي تتضمن رداً من قبل رئيس وزراء الأردن إبراهيم هاشم على اعتراف الحكومة البريطانية باستقلال شرق الأردن.

ولفت د.مهران الزعبي إلى دور الجيش العربي الأردني في الاستقلال، ومشاركته في الحرب العالمية الثانية من خلال القانون الذي وضعته الحكومة الأردنية بجواز استخدام الجيش العربي لمقاصد عسكرية داخل الأردن وخارجه، وإلى دوره في القضاء على انقلاب رشيد عالي الكيلاني في العراق، وفي حماية أنابيب النفط في مختلف البلدان العربية وحماية القطارات العسكرية المسافرة من دمشق إلى فلسطين، مؤكداً ضرورة تقديم وجهة نظر أردنية في الوقائع والأحداث الماضية من خلال قراءة عميقة للوثائق الوطنية.

وأضاف د.عزت جرادات أن مراحل النشأة والتأسيس والاستقلال والوحدة العربية لم تنعكس صورتها على النحو المطلوب في الفكر التربوي والثقافي الذي ساد في الأردن لفترة طويلة، وأن مناهج التعليم لم تتضمن مفهوم الانتماء الوطني الأردني حتى عام 1964، مؤكداً ضرورة الاهتمام بالبحوث التربوية التاريخية الأردنية، والعمل على دراسة الكتب والوثائق التي يحتويها متحف «الكتاب المدرسي» في السلط المتمثلة في المناهج التي دُرست في الأردن وفلسطين، ووثائق الكتب الرسمية من عام 1921، لمعرفة ما تعكسه هذه الكتب من فكر تربوي وثقافي.

هذا وعرض في أثناء اللقاء بعض النماذج لمختلف الوثائق الوطنية التي تتحدث عن استقلال المملكة الأردنية الهاشمية، وجرى نقاش موسع بين المتحدثين الرئيسين والحضور حول القضايا التي طُرحت.

آخر الأخبار