سفيان الرمحي‭ ‬عاش‭ ‬ومات‭ ‬مغترباً؛‭ ‬ليتقرب‭ ‬إلى‭ ‬وطنه‭ ‬وشعبه‭ ‬وقضيته


أنباء الوطن -

 

كتب : سمير الرمحي

رحل‭ ‬سفيان‭ ‬عبد‭ ‬الفتاح‭ ‬الرمحي‭ ‬غريباً‭ ‬في‭ ‬ديار‭ ‬الغربة‭ ‬رغم‭ ‬قربه‭ ‬في‭ ‬أحلامه‭ ‬وأفكاره‭ ‬وأعماله‭ ‬من‭ ‬عامة‭ ‬الناس‭ ‬العاديين‭ ‬في‭ ‬بلادنا،‭ ‬فهو‭ ‬ابنهم‭ ‬الحامل‭ ‬لهمومهم‭ ‬والساعي‭ ‬لخدمتهم‭ ‬وقضيتهم‭.‬

ما‭ ‬ترك‭ ‬الراحل‭ ‬‮«‬سفيان‮»‬‭ ‬الجار‭ ‬والقريب‭ ‬والرفيق‭ ‬عند‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬عرفه‭ ‬وتعامل‭ ‬معه‭ ‬إلا‭ ‬الذكريات‭ ‬العذبة‭ ‬والسيرة‭ ‬الطيبة‭ ‬والعطاء‭ ‬المستمر‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬الوطن‭ ‬والقضية‭ ‬بإخلاص‭ ‬وزهد‭ ‬الناسكين‭. ‬فصورة‭ ‬وجهه‭ ‬الصبوح‭ ‬المشرق‭ ‬بالابتسامات‭ ‬الدائمة‭ ‬تظل‭ ‬حيةً‭ ‬في‭ ‬الأذهان‭.‬

قضى‭ ‬الراحل‭ ‬العزيز‭ ‬جل‭ ‬عمره‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭ ‬منذ‭ ‬أيام‭ ‬التلمذة‭ ‬في‭ ‬الثانوية‭ ‬أواسط‭ ‬الستينيات‭ ‬ثم‭ ‬المرحلة‭ ‬الجامعية‭ ‬حيث‭ ‬تخرج‭ ‬حاملاً‭ ‬شهادة‭ ‬الكالوريوس‭ ‬في‭ ‬الأدب‭ ‬الانجليزي‭ ‬من‭ ‬بيروت‭ ‬العربية‭ ‬صيف‭ ‬عام‭ ‬‮0791 ‬مع‭ ‬نهاية‭ ‬عقد‭ ‬الهزيمة‭ ‬العربية‭ ‬الشاملة‭. ‬وأذكر‭ ‬أنه‭ ‬صرح‭ ‬لي‭ ‬قبيل‭ ‬ذاك‭ : ‬بلادنا‭ ‬خرجت‭ ‬من‭ ‬الهزيمة‭ ‬بزيادة‭ ‬سطوة‭ ‬القمع‭ ‬لدى‭ ‬الأنظمة‭ ‬الحاكمة،‭ ‬ومن‭ ‬يسعى‭ ‬للحرية‭ ‬والابداع‭ ‬سيكون‭ ‬ضحية؛‭ ‬وسأرحل‭ ‬إلى‭ ‬عاصمة‭ ‬النور‭ ‬والابداع‭ ‬العالمية‭ ‬‮«‬باريس‮»‬‭ ‬لعلي‭ ‬أنفع‭ ‬ذاتي‭ ‬وناسي‭.‬

ولم‭ ‬ألتقيه‭ ‬مذ‭ ‬ذاك‭ ‬العام‭. ‬ولكنني‭ ‬ظللت‭ ‬أتصيد‭ ‬وأتابع‭ ‬أخباره‭ ‬وأشاهد‭ ‬لقاءاته‭ ‬المتلفزة‭ ‬على‭ ‬الفضائيات‭ ‬المحترمة‭ ‬والجادة‭.‬

كان‭ ‬سفيان‭ ‬ملتزماً‭ ‬نهجاً‭ ‬فكرياً‭ ‬يسارياً‭ ‬ما‭ ‬حاد‭ ‬عنه‭ ‬حتى‭ ‬حينما‭ ‬عمل‭ ‬ممثلاً‭ ‬للإعلام‭ ‬الرسمي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬باريس‭ ‬في‭ ‬مراحل‭ ‬لاحقة‭ ‬من‭ ‬غربته،‭ ‬وكان‭ ‬مغرماً‭ ‬بالثقافة‭ ‬والآداب،‭ ‬ولكن‭ ‬ولعه‭ ‬الأكبر‭ ‬كان‭ ‬منصباً‭ ‬على‭ ‬فنون‭ ‬السينما‭ ‬المختلفة،‭ ‬وكانت‭ ‬بداية‭ ‬عمله‭ ‬السينمائي‭ ‬مشاركته‭ ‬العملية‭ ‬في‭ ‬الفيلم‭ ‬الوثائقي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬‮«‬ترشيحا‮»‬،‭ ‬وقد‭ ‬تعمق‭ ‬سفيان‭ ‬في‭ ‬فنون‭ ‬النقد‭ ‬السينمائي‭ ‬حتى‭ ‬أصبح‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬الوجوه‭ ‬التي‭ ‬تستضيفها‭ ‬البرامج‭ ‬الثقافية‭ ‬على‭ ‬الفضائيات‭ ‬الفرنسية‭ ‬عند‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الأفلام‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المنتجة‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬الفلسطيني‭ ‬أو‭ ‬بلاد‭ ‬الشتات‭ ‬العربية‭ ‬منها‭ ‬والأجنبية،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬البرامج‭ ‬الحوارية‭ ‬ذات‭ ‬المحتوى‭ ‬السياسي‭ ‬حول‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والإقليم‭ ‬العربي‭ ‬المشرقي،‭ ‬وخصوصاً‭ ‬على‭ ‬قناة‭ ‬‮«‬فرانس24‮»‬‭. ‬وكانوا‭ ‬يقدمونه‭  ‬بـ‭ ‬‮«‬الإعلامي‭ ‬الفلسطيني‮»‬‭ ‬المقيم‭ ‬في‭ ‬باريس‭.‬

وقد‭ ‬علمت‭ ‬مؤخراً‭ ‬أنه‭ ‬طلب‭ ‬نسخاً‭ ‬من‭ ‬الفيلم‭ ‬الوثائقي‭ ‬‮«‬آل‭ ‬الرمحي‭- ‬قصة‭ ‬وطن‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬أنجزه‭ ‬مخرجنا‭ ‬الشاب‭ ‬‮«‬أحمد‭ ‬عدنان‭ ‬الرمحي‮»‬‭ ‬ليقوم‭ ‬بعرضه‭ ‬في‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬المؤسستين‭ ‬الثقافيتين‭ ‬‮«‬اليونسكو‮»‬‭ ‬و‭ ‬‮«‬المركز‭ ‬العربي‮»‬‭ ‬في‭ ‬باريس‭ ‬أو‭ ‬كليهما،‭ ‬وأعتقد‭ ‬أن‭ ‬التأخر‭ ‬في‭ ‬إنجاز‭ ‬النسخة‭ ‬الإنجليزية‭ ‬حالت‭ ‬دونه‭ ‬وتحقيق‭ ‬ذلك‭.‬

سفيان‭ ‬الرمحي‭ ‬فقيد‭ ‬وطن،‭ ‬وفقيد‭ ‬قضية،‭ ‬إنه‭ ‬فقيدنا‭ ‬جميعاً

لروحه‭ ‬الرحمة‭ ‬والنور‭ ‬والرضوان

إنا‭ ‬لله‭ ‬و‭ ‬إنا‭ ‬إليه‭ ‬راجعون