45 عاما على استشهاد وصفي التل


أنباء الوطن -

توافق اليوم الذكرى الخامسة والأربعون لاستشهاد المرحوم وصفي التل رئيس الوزراء الأسبق الذي اغتيل في القاهرة اثناء مشاركته في اجتماع مجلس الدفاع العربي المشترك.

وكان المرحوم التل من ابرز الشخصيات السياسية الاردنية، وتولى منصب رئيس الوزراء في الاعوام 1962 و1965 و1970، وعرف بإخلاصه وولائه لقيادته الهاشمية وعشقه لوطنه وأمته العربية ووحدتها.

وامتاز المرحوم بايمانه بالعمل العربي المشترك والتصدي للأخطار التي تواجه الأمة العربية، ودعمه لكفاح الشعب الفلسطيني في سبيل تحرير أرضه ووطنه.

ولد المرحوم عام 1920 وهو ابن الشاعر الاردني المعروف مصطفى وهبي التل، وتلقى دراسته الابتدائية في المملكة ثم انتقل الى الدراسة في الجامعة الاميركية ببيروت، وتقلد العديد من الوظائف والمناصب الرسمية في عمان والقدس وأريحا ولندن، وعمل دبلوماسيا في السفارات الاردنية في موسكو وطهران وبغداد.

ولأن مدرسة وصفي التل خطت دروسها من وحي الانتماء الوطني، ولأنها مدرسة حب في زمن الصمت، ولأنها حالة عشق التراب في زمن تشييد القصور، فإن ذكراه تظل يقظة في الحس الوطني.

ووصفي رئيس بمرتبة شهيد، ومواطن بمرتبة منتمٍ، ومسؤول بمرتبة مخلص، وزعيم بمرتبة ملتزم، وزاهد بلباس تقي، ورجل بقياس اصعب التحديات التي مرت على البلاد.

ويستدعي الحاضر التاريخ كلما كانت حاجة المستقبل للبناء بالبشر وليس الحجر، وينادي التاريخ برجال بحجم الحاجة والمرحلة، لعل استنساخ التجربة ينمي روح التحدي،

والشهيد وصفي التل الذي مر بتجارب الارتباط بمبادئ القومية بمفهومها الأشمل، والوطنية بمفهومها الأدق، أخذ على عاتقه ان يحمل كتفا مع رجال بناء الاردن، فكان نظير البواسل الذين ورثوا مملكة بهذا الثبات والاستقرار.

عالج وصفي قضايا حاضره بحكمة وحزم وحنكة وشجاعة وعدالة واتزان يستشرف المستقبل وتداعياته بدقة وبصيرة ثاقبة، وكان يعد لكل حدث محتمل عدته قبل حدوثه، ويعتمد أسلوب الثواب والعقاب في إدارته بعدالة متناهية، متواضعاً لمن يستحق التواضع، حازماً وجاداً عندما يستدعي الظرف ذلك.

وكان جندياً شجاعاً محترفاً يعشق رفاق السلاح والنضال والجهاد، ويعتز ويفاخر ببطولاتهم، ويؤمن بالمقاومة الشريفة الصادقة التي توجه حرابها ضد العدو المحتل، مثلما يؤمن بدولة المؤسسات والقانون، ويحترم العرف العشائري الإيجابي الذي يجسد أسمى معاني الرجولة والإباء والحكمة ليستعين به في حلّ بعض القضايا والإشكالات، وليكون رديفاً لمؤسسات الدولة وصمام الأمن والأمان لاستقرار الوطن وصون منجزاته.

رفض وصفي فكرة المدارس الخاصة، وترخيصها في الأردن، لأنه يعلم ما يعانيه المواطن الأردني، وأراد من المعلم أن يكون نموذجا في العطاء، بعيدا عن المغريات المادية لدى من أراد أن يتاجر في تعليم أبناء الأردن، وكان المعلم عند حسن ظن الشهيد وصفي به.

وقال وصفي التل، في خطاب الثقة أمام مجلس النواب في حكومته الأخيرة: "إن المواطن الذي يعيش في أمن حقيقي، هو وحده القادر على العطاء، وهو الذي يعرف كيف يموت بشجاعة في سبيل بلده وقضيته، أما المواطن الذي يعيش في الرعب والفوضى، فلا يملك شيئا يعطيه لبلده أو قضيته أو حتى لأحد من الناس".

فنزاهة المسؤول تعريفا وإسقاطا، يليق بتجربة وصفي التل في المسؤولية، فعاش على "راتبه" واستشهد على "راتبه"، تاركا لورثته أموال عليهم دفعها، لا أموال يستغنون بأخذها.