صندوق النقد : الاقتصاد الأردني احتفظ بصلابته


أنباء الوطن -

قال صندوق النقد الدولي في تقرير موسع حول نتائج المراجعة الأولى لبرنامج الأردن الاقتصادي الذي يدعمه اتفاق للاستفادة من "تسهيل الصندوق الممتد"، ان الأردن حقق نجاحا كبيرا في معالجة الصدمات الخارجية خلال السنوات الماضية.

 
وأشار التقرير إلى ان الاقتصاد الأردني احتفظ بصلابته ولا يزال يتمتع بأساسيات اقتصادية قوية، حيث يشكل سعر الصرف المربوط بالدولار الأميركي ركيزة مهمة للاقتصاد، كما تحافظ الاحتياطيات على مستويات مريحة، إضافة الى سلامة النظام المالي الذي يتمتع بمستوى جيد من رأس المال، مؤكدا أن الحكومة حققت تقدما في الحد من عجز المالية العامة والوصول بأسعار الفائدة إلى مستويات منخفضة، ما ساعد على تحفيز الائتمان ودعم النمو، مشيرا ايضا الى أن "الفضل في كثير من هذه التطورات يعود إلى جهود السلطات المتواصلة على صعيد السياسات والإصلاح". وبين التقرير أنه "لا تزال هنالك عدة تحديات تشكل ضغطاً على الاقتصاد الأردني؛ فنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي ما زال أقل من المستوى الممكن، والبطالة تتزايد، خاصة بين الشباب والنساء، وما تزال الظروف الإقليمية، بما في ذلك طول أمد الصراعات وأزمة اللاجئين السوريين، تؤثر على أداء الأسواق، والمالية العامة، والاستثمار، والحساب الجاري الخارجي".
 
وأضاف، إنه "وبغض النظر عن هذه الظروف السلبية، فإنه توجد أدلة على أن أداء الاقتصاد الأردني من حيث الإنتاجية ونصيب الفرد من نمو الدخل كان متأخرا عن أداء الأسواق الصاعدة الأخرى حتى قبل هذه الصدمات الخارجية، وذلك منذ الأزمة المالية العالمية"، قائلا إن "ذلك يتطلب إعادة النظر في السياسات وتنفيذ إصلاحات لدفع عجلة الاستثمار والإنتاجية، ووضع الدين العام على مسار هبوطي ثابت نحو مستويات أكثر استدامة، وتعزيز العدالة وتحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية". وأشار الى أن "برنامج الحكومة يركز على معالجة هذه التحديات؛ حيث من الضروري إجراء ضبط تدريجي مطرد لأوضاع المالية العامة، تقوده إصلاحات على صعيد الإعفاءات الضريبية وضريبة الدخل، من أجل استقرار وتخفيض الدين العام والمساعدة في وضع المالية العامة على ركيزة هيكلية أقوى".
 
وأكد التقرير أن من شأن هذه الركيزة أن تساعد في إيجاد هامش أمان أفضل لمواجهة الصدمات المستقبلية، ومعالجة احتياجات الإنفاق العاجلة، وتحسين عدالة العبء الضريبي بين القطاعات، وتعزيز توزيع الدخل، حيث أن نظام الإعفاءات الضريبية الحالي لا يشجع الاستثمار والوظائف على النحو المرغوب، ويغلب عليه تفضيل الشرائح السكانية مرتفعة الدخل على حساب الشرائح الأخرى، بينما يساهم خسارة قدر كبير من الإيرادات في إبقاء الدين العام على مسار تصاعدي يتعذر الاستمرار في تحمله. وقال، انه مع استمرار مخاطر البيئة الخارجية الصعبة على المدى المتوسط وعدم اليقين بشأن حجم مساعدات المانحين المتوقعة، فإن "هذه الإصلاحات تمثل مطلبا ضروريا للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي، ودعم ثقة المستثمرين، وتقليص أوجه الضعف القائمة".
 
وأضاف، ان من شأن هذه الإصلاحات أن تؤدي أيضا إلى وضع ركيزة صلبة للإصلاحات الهيكلية الأخرى التي يمكن أن تحسن الظروف لتحقيق نمو أعلى وأكثر احتواء للجميع، ويعد التقدم الذي تواصل السلطات تحقيقه على جميع هذه الاصعدة أمراً مشجعا للغاية، لكن الأمر يتطلب تركيزا أكبر وإجراءات محددة لتحسين الظروف الصعبة في سوق العمل ما يمكن أن يدعم تحقيق نمو أعلى وأكثر شمولية.
 
وتابع التقرير "انه ورغم تباطؤ النمو في عام 2016، فمن المتوقع أن يتحسن أداء الاقتصاد في عام 2017، حيث تشير التوقعات إلى نمو الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي بنسبة 4ر2 بالمئة في 2016، وهو أقل من النسبة البالغة 8ر2 بالمئة التي قدرها البرنامج في الأصل"، مرجعا التباطؤ في النمو في معظمه إلى "تأثير بعض القطاعات المحددة، مثل التعدين الذي يبدي تحسنا في أدائه، وباستثناء هذه القطاعات، فقد حقق الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي المعدل نموا موسميا سنويا بنسبة 3 بالمئة في النصف الأول من عام 2016، وهو ما يبشر بآفاق مواتية لعام 2017".
 
وأكد أن هذا التحسن المستمر لعام 2017 والأعوام المقبلة يعتمد على عدم تدهور البيئة الإقليمية وعلى تنفيذ الاتفاق الذي تم أخيرا مع الاتحاد الأوروبي بشأن تخفيف قواعد المنشأ بالنسبة للصادرات الأردنية، مشيرا الى أنه "مع ذلك، لا تزال الصراعات الإقليمية، تشكل مصادر مهمة لما يواجه النمو من مخاطر التطورات السلبية".
 
وفي ضوء توقع أن يواجه الاقتصاد الأردني مواطن ضعف ومخاطر على المدى المتوسط، قال الصندوق ان من الضروري أن يواصل المجتمع الدولي تقديم الدعم في مواعيده المحددة حتى تتمكن السلطات من تنفيذ السياسات والإصلاحات المزمعة، مشيرا إلى أنه في آخر تقديرات محدثة لتأثير اللاجئين السوريين على الاقتصاد الكلي، فإن خبراء الصندوق يشيرون إلى وجود تأثير سلبي متناقص ولكنه مستمر على النمو، وميزان المدفوعات، والمالية العامة.
 
وقال إنه، وبينما ارتفع حجم التمويل الميسر والمنح المقدمة من خارج الموازنة بمقتضى "وثيقة الأردن"، هناك حاجة إلى منح إضافية للموازنة العامة بغية التغلب على ضغوط الإنفاق المتعلقة باللاجئين ودعم عملية الضبط المالي التي تقوم بها السلطات. وبين، أن تقديرات خبراء الصندوق تشير إلى نقص المنح ضمن الموازنة بمقدار 610 ملايين دولار لعام 2018، وفي غياب هذا الدعم الإضافي، تبرز مخاطر جادة تهدد استقرار الدين العام وإمكانية تخفيضه في الفترة 2017-2018، رغم الضبط المالي الشامل. وقال الصندوق في تقريره إن برنامج الإصلاح الوطني بدأ بداية مشجعة، حيث يتوقع خبراء الصندوق أن يكون العجز المجمع للقطاع العام أقل بنسبة 6ر0 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي مقارنة بالنسبة المستهدفة البالغة 5 بالمئة من إجمالي الناتج لعام 2016.
 
وأضاف ان هذا الأداء الذي يتجاوز المستوى المستهدف، يأتي انعكاسا لتحسن أوضاع شركة الكهرباء الوطنية وتحقيق بعض الانخفاض في عجز سلطة المياه مقارنة بالمستوى المتوقع، مع بقاء عجز الحكومة المركزية في حدود المتوقع في البرنامج. ونتيجة لذلك، توقع الصندوق أن يبلغ الدين العام ما نسبته 1ر95 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2016، متجاوزا النسبة المستهدفة البالغة 4ر94 بالمئة، بسبب تباطؤ النمو في إجمالي الناتج المحلي الأسهمي.
 
وقال إنه تم تحقيق تقدم كبير في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية المتفق عليها، بما في ذلك نشر استراتيجية لإدارة الدين، وإعداد دراسة عن الدعم المتبادل للطاقة، واعتماد آلية لتعديل تعرفة الكهرباء، غير أن هناك إصلاحات مهمة أخرى تأخر تنفيذها، مثل قانون التفتيش لتخفيض التكاليف المصاحبة بالنسبة لمنشآت الأعمال ونشر دراسة عن الدعم المتبادل في قطاع الكهرباء، "وينبغي التعجيل بتنفيذها لتعزيز الشفافية وتهيئة بيئة أفضل لممارسة الأعمال".