إضراب المنطقة الحرة .. نزيف مستمر لخزينة الدولة


أنباء الوطن -
تراجعت إيرادات الحكومة بفعل توقف تجار المركبات في المنطقة الحرة عن تخليص واستيراد المركبات، احتجاجا على قرار زيادة الرسوم الضريبية على المركبات من 1.3 مليون دينار يوميا إلى 50 ألف دينار.
 
ويستمر إضراب تجار المركبات في المنطقة الحرة منذ إعلان الحكومة بدء تطبيق قرار زيادة الرسوم في السابع والعشرين من حزيران الماضي، مما أفقد خزينة الدولة ما لايقل عن 20 مليون دينار.
 
وأعلنت الحكومة عن بدء تنفيذ قرار زيادة رسوم نقل ملكية المركبات وفرض رسوم جديدة على أسعار المركبات المستوردة، بموجب اتفاقية وقعتها مع صندوق النقد الدولي أخيرا لإصلاح الاقتصاد الوطني، عبر تخفيف عجز الموازنة وتقليص الدين العام بالنسبة للناتج المحلي الاجمالي للدولة الأردنية.
 
ونفّذ تجار المركبات توقفا كليا عن استيراد وتخليص المركبات احتجاجا على إجراءات اقتصادية اتخذتها الحكومة بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي، أسهمت في زيادة حجم الضرائب المفروضة على المركبات المستوردة بنسبة تراوحت بين 10 و25 في المئة.
 
وبفعل تلك الإجراءات ارتفعت رسوم المركبات من 700 إلى 3400 دينار على المركبة الواحدة (بحسب حجم المحرك وسنة الصنع).
 
من جانبه، قال رئيس هيئة مستثمري المناطق الحرة نبيل رمان لـ "السبيل" إن تجار المركبات أخذوا قرارا بالإجماع بالتوقف عن استيراد وتخليص المركبات لحين عودة الحكومة عن قرارها الذي وصفه بـ "المجحف والضار".
 
وأضاف أن القرارات الحكومية الأخيرة رتبت أعباء إضافية على المواطنين والتجار على حد سواء.
 
ويعد قطاع المركبات ثاني أكبر القطاعات الاقتصادية في المملكة بعد القطاع العقاري، ويدر على خزينة الدولة حوالي 700 مليون دينار سنويا.
 
وأعلنت الحكومة عن بدء تنفيذ قرار زيادة رسوم نقل ملكية المركبات وفرض رسوم جديدة على أسعار المركبات المستوردة، بموجب اتفاقية وقعتها مع صندوق النقد الدولي لإصلاح الاقتصاد الوطني، من خلال توفير مبلغ نحو 154 مليون دينار خلال ما تبقى من العام الحالي، وتوفير ما لايقل عن 700 مليون خلال العام المقبل.
 
ودعا رمان الحكومة إلى الاهتمام بهذا القطاع، كونه من مصادر الدخل المؤثرة في خزينة الدولة، ولاعتماد كثير من القطاعات الأخرى عليه، ومساهمته الفاعلة في الأمن الاجتماعي عبر تشغيله لأكثر من ربع مليون أسرة أردنية بشكل مباشر وغير مباشر.
 
وطالب الحكومة بالعدول عن قرارها أو اتخاذ جملة قرارات تخفف من حجم الضرر الذي وقع على التجار والمستوردين من قرار زيادة الرسوم، وتمكنهم من الاستمرار في العمل، لافتا إلى أن كثرة تبدل القوانين المتعلقة بقطاع المركبات تؤدي إلى عزوف المستثمرين عن زيادة استثماراتهم.
 
وبين رمان أن الحكومة لم تحقق العدالة بين المواطنين، حيث رفعت الرسوم على الطبقة المتوسطة التي تبحث عن المركبات متوسطة الثمن بنحو 10 آلاف دينار، بينما لم تفرض أية زيادة على الرسوم للمركبات الفارهة التي يبتاعها الأغنياء، على حد قوله.
 
وأضاف: "كان على الحكومة فرض ضريبة بنسبة 3 إلى 5 في المئة على جميع المركبات، وبالتالي سيدفع الغني أكثر من الفقير، وسيدفع صاحب المركبة الفارهة أكثر من المركبة المتوسطة".
 
وأكد رمان أن الوسيلة الوحيدة المتاحة لدى المستثمرين للضغط على الحكومة هي الاستمرار بالتوقف عن تخليص السيارات للسوق المحلية.
ودعا رمان التجار إلى الصمود والوقوف جنبا إلى جنب بهدف حماية أرزاقهم وحماية الطبقة الوسطى من الاستغلال.
 
وبين رمان أن وقف التخليص على المركبات يتسبب بتراجع الإيرادات الحكومية بواقع 1.5 مليون دينار، ما يعادل 400 مليون دينار سنويا، مشيرا إلى "أنه منذ السنوات الأخيرة وقطاع المركبات في المناطق الحرة والمعارض المقامة في العاصمة عمان والمدن الأخرى تتعرض لحالة من عدم الاستقرار، وتعاني من أزمات وعراقيل تسببت بخسائر نتيجة للقرارات العديدة التي اتخذتها الحكومات المتعاقبة على قطاع المربكات وعدم استقرار التعليمات والقرارات ومفاجأة القطاع بها".
 
وقال: "إن قطاع السيارات في الأردن ساهم في خلق توازن اجتماعي طبقي حيث مكن شريحة كبيرة من ذوي الدخل المتوسط والمحدود امتلاك واسطة نقل في ظل غياب منظومة النقل العام، كما ويرفد قطاع السيارات خزينة الدولة بنحو 480 مليون دينار سنويا رسوما ضريبية وبنحو 100 مليون دينار تسجيل وترخيص لأول مرة، وكذلك مايقارب 160 مليونا تجديد الترخيص السنوي".
وأكد مستثمرون في المنطقة الحرة التقتهم "السبيل" خلال جولة ميدانية في المنطقة الحرة في الزرقاء، أنهم قرروا التوقف عن تخليص واستيراد المركبات لحين تراجع الحكومة عن قراراتها التي ستؤدي إلى تراجع إيرادات الدولة من الجمارك، وانهيار القطاع الذي يعمل فيه آلاف المواطنيين، حسب تقديرهم.
 
وقدّر مستثمرون الخسائر التي تكبدتها خزينة الدولة نتيجة استمرار إضراب تجار المركبات بأكثر من مليون ونصف دينار يوميا، مؤكدين أن "الحكومة تستطيع تحصيل ما تحتاجه من الأموال بتطبيق سياسة ضريبية عادلة".
 
وبدا واضحا تراجع النشاط التجاري في المنطقة الحرة وتراجع عدد الزوار، وعدم وجود تكدس أمام مكاتب التخليص والجمارك في المنطقة الحرة، كما رفعت معارض في المنطقة الحرة يافطات كتب عليها "هذا المعرض للبيع بسبب الإجراءات الحكومية".
 
وتعيش المنطقة الحرة حالة ركود بفعل اضراب تجار المركبات وتوقفهم عن تخليص واستيراد المركبات، حيث يعمد التجار على نصح المشترين بتأجيل شرائهم للمركبات لحين صدور قرار وشيك من الحكومة بإلغاء قرار رفع الرسوم أو قرار آخر يخفف حدة الزيادة.
 
وقال تاجر المركبات زياد نابلسية إنه وزملائه سيواصلون إضرابهم عن العمل، لحين إيجاد صيغة ضريبية عادلة يستطيع تحملها المواطن والتاجر على حد سواء.
وأضاف نابلسية أن الخاسر الأكبر من هذا الإضراب هو الاقتصاد الوطني، متمثلا بتراجع إيرادات خزينة الدولة الأردنية.
 
وتضمن قرار الحكومة بهذا الشأن زيادة الرسوم الضريبية على المركبات بحسب سنة الصنع، كما تضمن القرار زيادة بدل نقل ملكية السيارات لجميع المركبات ما عدا النقل العمومي.
 
وبين أن القرارات الحكومية تجاه القطاع ستفرض على التجار بيع معارضهم والتحول إلى تجارة أخرى غير تجارة المركبات، لاتتبدل فيها القوانين والتشريعات باستمرار.
 
من جهته، قال المستثمر علاء العقرباوي إن تبعات تطبيق هذا القرار سوف تنعكس على الأمن الاجتماعي للمواطنين، وسيحد من قدرة التجار على التوسع في أعمالهم وتوظيفهم للعمالة الأردنية، لافتا إلى أن التجار تعرضوا لخسائر "فادحة" جراء تطبيق هذا القرار.
 
وبين أنه نتيجة لهذا القرار سيضطر لوقف صفقة شراء مركبات بعشرات الآلاف من الدنانير كان تعاقد على شرائها قبل القرار نتيجة لارتفاع رسوم التنخليص عليها محليا.
 
وبلغ عدد المركبات التي تم التخليص عليها لداخل السوق المحلية والمصدرة لخارج المملكة خلال العام الماضي حوالي 133.725 ألف مركبة مقارنة بنحو 152.559 ألف مركبة عام 2014، بانخفاض مقداره 18.834 ألف مركبة.
 
وبلغ عدد المركبات التي تم تصديرها إلى الخارج حتى نهاية العام 2015 ما يقارب 59.424 ألف مركبة، مقارنة بنحو 62.047 ألف مركبة خلال الفترة نفسها من العام 2014، بانخفاض مقداره 31.088 ألف مركبة.
 
وأكد العقرباوي أن القرار الأخير مس بشكل مباشر التاجر الأردني، فيما استثنى المستثمرين الأجانب الذي حققوا أرباحا بمئات الملايين من الدنانير، على حساب خزينة الدولة الأردنية، على حد قوله.
 
وبين ‏أن الإضراب سيتواصل لحين عدول الحكومة عن قراراتها "المجحفة".
 
وأكد :"أن استهداف المستثمر الأردني بات أمرا واضحا متسائلا عن السبب في ترك المستثمرين الأجانب دون رقيب أو حسيب"، مطالبا "بحماية المستثمر الأردني الذي بات يشعر بالغربة في المنطقة الحرة"، على حد تعبيره.
 
من جهته، اقترح التاجر أبو ناصر، الذي يمتلك معرضا كبيرا للمركبات في المنطقة الحرة، عددا من الإجراءت التي يمكن أن ترفد خزينة الدولة بمئات الملايين من الدنانير سنويا، وفي الوقت ذاته تحافظ على القطاع من الانهيار، من بينها فرض مبالغ مالية مقطوعة ومعقولة على التجار الأجانب الذين يصدرون المركبات من المنطقة الحرة غلى العراق وليبيا دول الخليج ويتخذون من المنطقة الحرة مقرا لأعمالهم.
 
وقال أبو ناصر إن المنطقة الحرة تعاني منذ أكثر من عامين من كساد غير مسبوق ولأسباب عديدة منها إغلاق السوق العراقي، وتراجع الطلب من السعودية، خاصة أن المنطقة الحرة رافد رئيسي للسوق السعودي والمدن القريبة مثل القريات وتبوك وعرعر.
 
وأضاف أن السوق الوحيد المفتوح حالياً أمام تجار ومستثمري المنطقة الحرة هو السوق المحلي، لذلك يجب المحافظة عليه وعهدم المساس به.
 
وقدر أبو ناصر الارتفاع الذي سيطرأ على أسعار المركبات في السوق المحلي من 700 -3400 دينار، بسبب الإجراءات الحكومية الأخيرة.
 
واقترح ابو ناصر فرض رسوم مقطوعة على الشاحنات التي تنقل المركبات من الميناء إلى المنطقة الحرة، وفرض مبلغ مقطوع على كل مركبة مستوردة.
 
وقال إن القرارات سيتأذى منها المواطنون والتجار على حد سواء.
 
وعقد مستثمرو المنطقة الحرة اجتماعا لبحث قرار الحكومة فرض رسوم إضافية على المركبات المستوردة، وما سيؤول إليه قطاع المركبات في الأردن بشكل عام وفي المناطق الحرة بشكل خاص وما سيترتب عليه من خسائر فادحة جراء إصرار الحكومة على تطبيق القرار.
 
وأكد المستثمرون مواصلتهم التوقف عن العمل وعدم القيام بأي مظاهر تتعلق بالإضرابات أو الاعتصامات أو المساس بالممتلكات أو أي أعمال أخرى تضر بالنظام العام وتعكر صفوه.
 
وتضمن قرار الحكومة بهذا الشأن، فرض زيادة "بدل نقل ملكية" لجميع المركبات ما عدا النقل العمومي، على أن يكون مقدار الزيادة 50 دينارا للسيارات التي تقل فيها سعة المحرك عن 1500 سي سي، و100 دينار حتى 2000 سي سي، و400 دينار للسيارات حتى 3 الاف سي سي، و550 دينارا للسيارات حتى 4 آلاف سي سي و700 دينار للسيارات التي تزد سعة محركها على 4 الاف سي سي.