900 مليار دولار خسائر البورصات الأميركية بعد (الخروج) البريطاني


أنباء الوطن -

قال جيم أوسوليفان كبير الخبراء في مؤسسة «هاي فريكونسي ايكونوميكس» الاقتصادية بأمريكا، إن البورصات الأمريكية خسرت ما قيمته نحو 800 – 900 مليار دولار بعد يوم واحد من قرار بريطانيا بالانسحاب من عضوية الاتحاد الأوروبي.
ورأى «أوسوليفان»، أن التحركات الحادة في بورصة نيويورك وقيمة الدولار الأمريكي قد تلحق الضرر بنمو الاقتصاد الأمريكي، مبينًا أن «إجمالي القيمة السوقية للبورصات الأمريكية يصل نحو 23 ترليون دولار».
ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن السؤال الأهم حاليًا هو «هل ستكون التقلبات الراهنة بداية لردة فعل أقوى أم لا، وهل سيؤدي التوجه إلى الأصول الخالية من المخاطر لانهيار كامل في البورصات أم ستهدأ الأسواق».
وأضاف أن «هبوط بمعدل 1% تعني خسارة 230 مليار دولار، واذا نظرنا إلى معدل الخسائر في بورصة نيويورك أمس الجمعة فقد كانت بمعدل 3.5 – 4.0%، وهذا يعني خسارة نحو 800 – 900 مليار دولار خلال يوم واحد فقط».
وشدّد على أن كلفة الاضطراب المالي على الاقتصاد الأمريكي مرتبطة بمستوى تأثير تراجع قيمة الأسهم على ثقة المستثمرين والمستهلكين، والقدرة الائتمانية للبنوك، مشيرًا أن التشديد الذي سيطرأ على الأوضاع المالية العالمية بسبب «الخروج» البريطاني سيُشكّل سببًا جديدًا لتأجيل رفع نسبة الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي).
وأظهرت النتائج الرسمية لاستفتاء البريطانيين على عضوية بلادهم في الاتحاد الأوروبي، الذي جرى الخميس، تصويت 52% من الناخبين لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد، مقابل 48% صوتوا لصالح البقاء فيه. 
وتبع نتائج الاستفتاء، إعلان رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، اعتزامه تقديم استقالته خلال مؤتمر حزب المحافظين الذي يرأسه في تشرين أول المقبل.
كان يوم «الجمعة الاسود» الذي شهدته الاسواق العالمية نتيجة قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الاوروبي قاسيا، وان كانت ابعاده تذكر بازمة مصرف ليمان براذرز، الا ان النظام المالي العالمي لا يبدو مهددا في الوقت الحاضر، اذ تقتصر الازمة على البعد السياسي.
ولم يشهد المستثمرون مثل هذه التقلبات منذ الازمة المالية عام 2008 حين انهار مصرف الاعمال «ليمان براذرز»، وازمة  الديون في منطقة اليورو التي بلغت ذروتها في صيف 2011.
لكن ان كانت عواقب تراجع البورصة الجمعة والغموض الاقتصادي والسياسي المرتبط بخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي  قد تستمر لبعض الوقت، الا انه من الصعب في المرحلة الراهنة التحدث عن ازمة مالية جديدة.
ويستبعد خبراء مكتب «اوكسفورد ايكونوميكس» امكانية ان يكون خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي «لحظة شبيهة بـ(أزمة) ليمان»، معتبرين انه «لا بد ان تتخذ امور كثيرة منحى سيئا في الوقت نفسه» حتى يتلقى النظام برمته ضربة «لا يمكن اصلاحها». الحد من الانفاق 
ولخص كلافيل الوضع بالقول «ليست هذه صدمة عالمية» موضحا ان الوطاة المرتقبة على الاقتصاد في منطقة اليورو ستكون سلبية حتما، لكنها لن تكون هائلة، كما ان الانعكاسات على الاقتصاد الاميركي ستكون محدودة.
وكانت العواقب في وول ستريت الجمعة اقل حجما منها في اسواق المال الاوروبية.
 غير ان فرانك ديكسمير مدير ادارة السندات في العالم لدى شركة «آليانز جي آي» لفت الى ان «هذا التراكم لعوامل الغموض لا يوجه اشارة جيدة الى المستثمرين الدوليين حين يكون المطلوب النظر في اقامة فروع في اوروبا او توظيف استثمارات».
    وما يختلف ايضا عن ازمتي 2008 و2011 ان السياسات النقدية تتسم الان بليونة كبيرة، ولا سيما في منطقة اليورو حيث يعمد البنك المركزي الاوروبي الى اعادة شراء الديون بشكل مكثف.
  وقال زيتوني ان «الازمة سياسية»، ما لا يشكل بالضرورة خبرا سارا للاسواق.
 وقال ديكسمير «ان كان من الممكن تقدير الخسائر المالية، الا انه من الصعب للغاية تقدير العواقب السياسية. اننا نواجه عواقب على المدى البعيد بالمقارنة مع المدى القريب لردود فعل المستثمرين الذين فوجئوا بالوضع».
  وحذر كلافيل بان «ردود الفعل السياسية ستكون موضع متابعة عن كثب، ولا سيما في ما يتعلق بمستقبل منطقة اليورو والاتحاد الاوروبي».
كما يتحتم بحسب ديكسمير متابعة قرارات كبار المستثمرين مثل صناديق التقاعد وشركات التامين التي «لا تبدي عادة رد فعل سريعا».
 غير ان شركة «بلاك روك» العملاقة الاميركية لادارة الاسهم حذرت بان خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي «لا يبدل شيئا في ادارتها لاصول عملائها في اوروبا».
 لكن ان استمرت المصارف في مواجهة صعوبات في البورصة، فقد يطرح ذلك تساؤلات حول قدرتها على اقراض الاقتصاد بصورة طبيعية.
  وبالتالي فان الاسواق قد تشهد في حال نجاتها  من ازمة مالية، تقلبات قوية، وسيكون سلوكها في الايام المقبلة مؤشرا جوهريا.
  وقال ديكسمير ان «السوق تدخل فعلا في المجهول والغموض ويمكن توقع هزات ارتدادية (...) لا بد لنا رغم كل شيء من الحد من الانفاق».
على صعيد متصل قال محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) أحمد الخليفي، إن المؤسسة تتابع تطورات توجه المملكة المتحدة للخروج  من الاتحاد الأوروبي، منذ فترة، «تحوطاً لما قد يكون عليه من أثر على أسواق المال». 
وقالت المؤسسة أنها «قامت بمراجعة سياستها الاستثمارية فيما يخص الأصول المقومة باليورو والجنيه الاسترليني، في ضوء التطورات الاقتصادية والسياسية وأجرت بعض التعديلات في حينه».الشركات الأميركية في حيرة
تجهد الشركات الاميركية الكبرى بعد صدمة قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الاوروبي، لعدم الاستسلام للذعر، لكنها تطالب بتوضيحات حول مستقبل السوق البريطانية التي شكلت تقليديا بالنسبة لها بوابة الدخول الى القارة الاوروبية.
 وعمدت مجموعة واسعة من ابرز الشركات الاميركية، من سلسلات متاجر الملابس الى شركات السيارات، لفترة طويلة الى تركيز انشطتها في بريطانيا وقد جذبها اليها نظام ضريبي مؤات فضلا عن لغة وثقافة مشتركتين، انما كذلك امكانية الوصول من خلال هذا البلد الى السوق الاوروبية المشتركة والى مئات ملايين المستهلكين فيها.
وقال رئيس غرفة التجارة الاميركية، مجموعة الضغط الواسعة النفوذ لارباب العمل، توماس دونهيو ان «الاستثمارات الاميركية في بريطانيا تزيد قيمتها الاجمالية عن 500 مليار دولار، وتم العديد منها بهدف الوصول الى المستهلكين البريطانيين، انما كذلك الى المستهلكين في القارة الاوروبية».
 وبريطانيا التي بلغت صادراتها 56,1 مليار دولار عام 2015، تفرض نفسها بصفتها الوجهة الرئيسية للمنتجات الاميركية في الاتحاد الاوروبي. كما ان قطاع الخدمات، ولا سيما الخدمات المالية، له حضور واسع في حي المال والاعمال في لندن حيث توظف شركات وول ستريت العملاقة عشرات الاف الاشخاص.
 ودعت بعض كبرى شركات القطاع الصناعي الاميركي الى بقاء بريطانيا في الكتلة الاوروبية خلال الحملات التي سبقت الاستفتاء الخميس.
ضمانات 
 هل تعيد نتيجة الاستفتاء البريطاني توزيع الاوراق وتحد من الاستثمارات الاميركية في المملكة المتحدة؟
 تمتنع بعض الشركات الاميركية الكبرى عن اطلاق احكام متسرعة ردا على اسئلة وكالة فرانس برس بهذا الصدد، غير انها تبدي بحزم رغبتها في معرفة المزيد حول العلاقات الاقتصادية الجديدة التي يتحتم على بريطانيا الان اقامتها مع شركائها السابقين في الاتحاد الاوروبي.
 وقال مدير فرع شركة «كاتربيلار» الاميركية العملاقة للبناء في بريطانيا مارك دورسيت ان «بريطانيا عنصر محوري في سلسلة انتاجنا الاوروبية ونحض جميع الاطراف على التوصل الى اتفاق يبدد الغموض سريعا ويسمح لبريطانيا بالاحتفاظ بمدخل كامل وتام الى السوق الاوروبية الموحدة».
وهنا تكمن النقطة المركزية التي تدور حولها التساؤلات الاميركية: فهل ستستمر المملكة المتحدة في الاستفادة من حرية تنقل البضائع والاشخاص داخل الاتحاد الاوروبي؟
  هذا ما تامل به شركة فورد للسيارات التي توظف 14 الف شخص في المملكة المتحدة وتحقق فيها حوالى خمس ايراداتها، وهي لا تستبعد تغييرا استراتيجيا في حال لم تعد تجني المنافع ذاتها من انشطتها في هذا البلد.
  وقال المتحدث باسمها جون غاردينر ان «فورد ستتخذ كل الخطوات الضرورية للتثبت من ان منتجاتها تبقى تنافسية وتستمر في تامين مردودية مستديمة»، مؤكدا انه لم يتم اتخاذ قرار باجراء اي تغيير في الوقت الحاضر.
 كذلك دعت شركة «جنرال موتورز» للسيارات لندن وبروكسل الى بدء المحادثات حول شراكة جديدة «باسرع وقت ممكن» مطالبة ببعض الضمانات.
 وقال المتحدث باسم الشركة الاولى للسيارات في الولايات المتحدة كلاوس بيتر مارتن «من المهم ان تستمر نشاطاتنا في الاستفادة من حرية تنقل البضائع والاشخاص خلال هذه الفترة».خيبة أمل 
      وبعدما تراجعت العملة البريطانية ازاء الدولار واليورو فور صدور نتيجة الاستفتاء، فان هبوطا متواصلا في قيمتها قد يحمل البعض الى مراجعة استراتيجيته.
 وتحقق مجموعة «بنسكي» الاميركية للمواصلات ثلث ايراداتها الاجمالية في بريطانيا، وقد تعاني من تراجع عائداتها عند نقل ارباحها بالجنيه الاسترليني الى الولايات المتحدة وتحويلها الى الدولار.
واوضح انتوني بوردون احد نواب رئيس المجموعة ان «تراجع الجنيه الاسترليني سيعني تراجع الايرادات»، مقرا بان شركته اصيبت بـ»خيبة امل» ازاء نتيجة الاستفتاء البريطاني.
 اما شركة «سيروكس» المتخصصة في الالات الناسخة والواسعة الانتشار في بريطانيا، فتتفادى ابداء اراء واضحة، مشيرة فقط الى انها تدرس «العواقب على المدى البعيد» لخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي.
  كذلك تكتفي مجموعات اخرى مثل «جنرال الكتريك» بالقول انها «تحترم قرار» الشعب البريطاني فيما تلزم بعض الشركات الصمت.
  ولم يصدر اي تعليق عن متاجر «غاب» للملابس التي تعد 131 متجرا في بريطانيا، وعملاق المتاجر الكبرى «وول مارت» الذي ينشر 625 متجرا تحت علامة «أسدا».
 وفي مقابل هذه المخاوف، فان قطاعا اقتصاديا صغيرا في الولايات المتحدة قد يجني ارباحا من القرار البريطاني، اذ اوضحت الجمعية الاميركية لسماسرة العقارات ان بعض الاثرياء قد يرغبون في بيع املاكهم في لندن والاستثمار في القطاع العقاري الفاخر في الولايات المتحدة.